حرص أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته خلال مراسم تشييع القائد الجهادي فؤاد شكر “الحاج محسن” أمس، على تثبيت معادلة أن المقاومة لا تتعاطى بردات فعل متسرعة مهما كان الحدث جللاً، بل هي تغضب، وتدرس وتقيّم، ثم ترد بجرأة وحكمة وتعقل وشجاعة، وتحافظ في الوقت نفسه على لبنان بتعزيز توازن الرعب مع العدو.
هدوء السيد نصرالله كان أبلغ من أي إنفعال، فهو لم يُسرف في إطلاق التهديد والوعيد أو في تحديد الأماكن التي يمكن أن تستهدف في العمق الاسرائيلي، بل إكتفى بكلمات قليلة ذات دلالات مرعبة، مخاطبا الاسرائيليين بأن “إضحكوا قليلا وستبكون كثيرا على تجاوزكم الخطوط الحمراء”، ومؤكدا أننا “سنرد على إستهداف الضاحية وإغتيال الحاج محسن، ولن نقول في الزمان والمكان المناسبين بل إن القرار سيكون في يد الميدان الذي يعرف ظروفه لجهة القيام برد حقيقي، وفي التفتيش عن فرص حقيقية وعن رد مدروس جدا، وبينا وبينكم الأيام والليالي والميدان”.
وضع السيد نصرالله النقاط على الحروف، حيث عمل على تشريح العدوان الاسرائيلي على الضاحية، لجهة إستهداف ضاحية العاصمة بيروت، وقصف مبان سكنية مدنية وليس قاعدة عسكرية، وقتل أبرياء هم ثلاث سيدات وطفلان، إضافة الى إغتيال قائد في المقاومة، وفي ذلك بحسب تفسيرات البعض إيحاء واضح حول طريقة الرد على العدو الاسرائيلي، خصوصا أن نصرالله قسّم الجبهة الى قسمين: الأولى للمساندة التي ستستأنف نشاطها إعتبارا من اليوم، والثانية لإنتقام الشرفاء والتحضير للرد على إسرائيل والذي يُفترض أن يساهم في تفعيل قوة الردع لدى المقاومة.
كثيرة هي الرسائل التي وجهها السيد نصرالله الى العدو الاسرائيلي، بدءا من صاروخ مجدل شمس الذي فشل العدو بإستخدام نتائجه في إحداث فتنة درزية شيعية وأدتها المواقف الوطنية التي صدرت من القيادات اللبنانية والسورية ونتائج طوفان الأقصى التي تجاوزت المحنة المذهبية، مرورا بأن إستهداف الضاحية لم يكن ردا على صاروخ مجدل شمس الذي لم تطلقه المقاومة ونفت علاقتها به، بل هو عدوان سافر على الآمنين فيها وجزء من الحرب والرد على جبهة الاسناد اللبنانية، وبالتالي فإن رد المقاومة حتمي عليه، وصولا الى دخول مرحلة جديدة تتجاوز جبهة الاسناد الى معركة مفتوحة على كل الجبهات، والى أن إستهداف قادة المقاومة ومجاهديها لا يضعف من عزيمتها بل على العكس فإنه يزيدها عزما وإرادة على المواجهة، كاشفا أن المقاومة عند إستشهاد أي قائد تسارع الى ملء الفراغات ولديها جيل قيادي ممتاز، في إشارة الى التجدد الدائم في هذه المقاومة التي باتت تضم أكثر من جيل مقاوم وهي مستمرة في كل الظروف ولن تستسلم أو تهادن مهما بلغت التضحيات.
وضع السيد نصرالله إسرائيل في حالة إرتباك غير مسبوقة، فأكد أن رد المقاومة آت لا محالة لكن من دون أن يكشف أية معلومة حوله، فيما ترك مخيّلة العدو تسرح في الرد الايراني بمعايير وضعها تتعلق بخرق السيادة، وإستهداف الأمن القومي، والمسّ بالشرف وهذا أكبر ما يمكن أن يتعرض له أي بلد، لافتا الى أن الاسرائيلي قام بكل ذلك، لا سيما المس بالشرف كونه إغتال ضيفا للجمهورية الاسلامية هو الحاج إسماعيل هنية وبالتالي فإن ردها سيكون على هذا المستوى.
وما ضاعف من الارباك، هو حديث السيد نصرالله عن الرد المتزامن من لبنان واليمن وإيران والعراق، أو الرد المنفرد، ما سيضع إسرائيل في حالة تأهب بدأت لكن أحدا لا يعلم متى تنتهي، بما يعني ذلك من إستنزاف قدرات خصوصا أن العدو فتح الملاجئ وأوصى ببقاء المستوطنين في الأماكن المحصنة وعمل على إخلاء الكثير من الأماكن خوفا من طبيعة الرد ومساحته وجغرافيته وقوته.
أعطى السيد نصرالله إشارته للميدان الذي بدأ بإعداد العدة لردات فعل تكون على مستوى الفعل الذي أقدم عليه العدو، وطلب من بيئة المقاومة إدارة الأذن الطرشاء لكل من يريد التشكيك من بعض الذين لا يمتون الى البشر على المستوى الأخلاقي، مجددا الموقف الحاسم بأن مفتاح هدوء كل الجبهات هو وقف العدوان على غزة.
المصدر: سفير الشمال