أكدت اللجنة الاجتماعية ومكتب النقابات والمهن المركزي في “التجمع الوطني الديموقراطي في لبنان”، أن “الطبقة الحاكمة الفاسدة، اعتمدت، بغرض زيادة أرباحها، على سياسة عدم تنظيم سوق العمل، كما عدم تطبيق قانون العمل اللبناني، فغيبت تأمين العدالة بين القوى العاملة اللبنانية والأجنبية، بما فيها السورية، فأدى ذلك إلى إعطاء الأفضلية لتشغيل اليد العاملة السورية الرخيصة، المترافقة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد عام 2019، وزيادة شعور اللبنانيين والطبقة العاملة اللبنانية بالظلم، نتيجة المنافسة على الموارد مع النازحين السوريين، وبخاصة في المناطق المكتظة بهم، مكوناً أرضية ملائمة للخطاب اليميني الشعبوي، للقوى السياسية المتسببة بالمشكلة”.
وأشار التجمع الى أن “نظرة أكثر علمية للتأثير الاقتصادي للجوء السوري، يبيّن تأثيراته السلبية لجهة أعبائه، ولا سيما في منافسة العمالة اللبنانية والضغط على الأجور والبنى التحتية والخدمات العامة، بالرغم من تخفيف حدّتها، من خلال إنفاق اللاجئين، المتأتي من المساعدات الدولية والطلب على السلع والخدمات المحلية، وتأثير العمالة السورية التي ما زالت أساسية في قطاعات البناء والزراعة، والمستمرة منذ عشرات السنين. كما أن المسؤولية عن إفقار المجتمعات في الأطراف هي مزمنة، بخاصة في الشمال وعكار وبعلبك الهرمل، وهي تقع على عاتق الدولة اللبنانية، التي لم تحرك ساكناً على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وبالتالي يرفض التجمع وضع الفقراء والعمال اللبنانيين والسوريين والأجانب، ضد بعضهم البعض، مهما كانت جنسيتهم، خدمة لمصالح القوى الطائفية الشعبوية، المسؤولة عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اللبنانيون. هذا بالإضافة إلى أن هذه السلطة مسؤولة أيضاً، عن تهجير الكفاءات والعمالة الماهرة اللبنانية إلى الخارج، محوّلة أزمة النزوح إلى أزمة مزدوجة تضرب سوق العمل اللبناني، ما يستوجب وقف هذا النزيف المستمر للموارد البشرية اللبنانية والعمل على عودتها إلى لبنان والمساهمة في النهوض بأوضاعه”.
ورأى أن “حجم النزوح السوري قد وضع لبنان في وضع يصعب تحمله، إلّا أن التجمع يحمّل الحكومات المتتالية والمتعاقبة مسؤولية ذلك، وهي التي رفضت مراقبة الحدود وتنظيم أوضاع اللاجئين منذ البداية، واستخدمته ورقة في صراعاتها السياسية الداخلية والإقليمية، ما أدى إلى التهديد بالتغيير الديمغرافي للبنان، إذا استمر اللجوء لمدة طويلة أو ترسخ. إن إنهاء هذا الواقع يستوجب سياسة جديدة تتطلب العمل، انطلاقاً من رفض انزلاق الأمور إلى العنف وكره الآخر والاستعلاء العنصري، لما سيتركه من أثر سيىء على الوضع الأمني والاجتماعي للبنانيين والنازحين على حدّ سواء، وعلى العلاقات بين الشعبين الشقيقين على المدى الطويل، التي تحكمها العلاقات المصيرية والتاريخية المشتركة والعميقة”.
ورفض التجمع “مواقف بعض الموفدين الأوروبيين، التي تحاول التنصل من تحمل المسؤولية في تطبيق القوانين الدولية، في التعاطي مع قضية عودة النازحين إلى سوريا، وتعمل وفق مشاريعها ومصالحها، فإننا في الوقت نفسه، نرفض استخدام الحكومة اللبنانية لقضية النزوح السوري كورقة ابتزاز سياسية ومالية رخيصة ضد الدول الأوروبية والأمم المتحدة. في الوقت الذي يرى فيه التجمع ، أن لبنان يجب أن يلعب دوراً محورياً في منطقة البحر المتوسط ، في إرساء أسس السلم والتعاون والتنمية المشتركة وحقوق الانسان والحفاظ على البيئة وحقوق النازحين” .
وطالب ب “معالجة هادئة لهذه الأزمة، قوامها الأساسي العمل على تأمين عودتهم الآمنة إلى بلدهم، بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة السورية. وهذه المعالجة الهادئة، التي أساسها التعاون اللبناني والاقليمي والدولي والمقاربة الواقعية والتي تبدأ، أولاً بمعرفة الأرقام الحقيقية للنازحين السوريين فعلاً والتي يسود تقديراتها الكثير من عدم اليقين” .
وختم التجمع داعيا الى “اعتماد موقف موّحد، ينطلق من كون معالجة مسألة النازحين السوريين مسؤولية مشتركة لبنانية سورية ودولية بهذه النسبة أو تلك. ولا بدّ لقوى التغيير الديموقراطي، خارج المجلس النيابي وداخله، من تحمل المسؤولية في تظهير موقف معارض مختلف عمّا يحصل، بعيداً عن التحريض والمزايدات السياسية، حيال هذه الأزمة التي أخذت وتأخذ أبعاداً خطيرة، من الضروري، تجنبها بكل السبل والوسائل الديموقراطية” .