اشار رئيس الهيئة الإدارية في “تجمع العلماء المسلمين” الشيخ حسان عبد الله في كلمة القاها في مؤتمر “نهج السيد الشهيد حسن نصر الله” الذي عقد في طهران، الى أن “معرفتي الشخصية بسماحة سيد شهداء محور المقاومة السيد حسن نصر الله والتي تمتد لأكثر من 42 سنة، أهلني أن أدعي بعض العناوين الرئيسية للنهج الذي اعتمده خلال سني جهاده الطويلة، واهمها:
اولا، التسليم والالتزام بولاية الفقيه: فقد بنى النهج الذي اعتمده في إدارة المقاومة على التسليم بولاية الفقيه كطريق وحيد للتعبير عن الإسلام المحمدي الأصيل وهو بذلك كان يعتبر أن مصلحة لبنان لا تتعارض مع أن يكون بعض اللبنانيين يعتمدون هذا النهج القرآني الإسلامي لأن الولي الفقيه لا يطلب من الملتزمين بنهجه أمور تخالف مصلحة بلده بل أكثر من ذلك فإن الولي الفقيه كان يعتبر أن اللبنانيين أدرى بتفاصيل حياتهم السياسية وهو يضع الخطوط العامة ويرسم العناوين الأساسية أما اللبنانيين فهم يعملون بما يضمن سلامة وسيادة لبنان ولذلك فإن الفقيه عندما أمر بالمقاومة فهو كان يراعي مصلحة لبنان واللبنانيين بتحرير أرضهم وعدم الاستسلام للعدو الصهيوني وتكريس احتلاله لهذه الأرض وهذا قطعا في مصلحة اللبنانيين.
ثانيا، الوضوح في الرؤية: كان سماحة السيد الشهيد حسن مصر الله من وضوح الرؤية ما جعله يستكشف مخططات العدو ويضع لها ما يواجهها ولم يكن يتصرف إلا انطلاقا من هذه الرؤية التي كانت تضع العناوين الواضحة لكل مرحلة من المراحل السياسية التي مر بها لبنان بل والمنطقة بأجمعها واستطاع أن يرسم خطة واضحة لبناء محور المقاومة الذي بات اليوم الطريق الأمثل لتحرير فلسطين.
ثالثا، الثبات في الموقف: لم نعتد من السيد الشهيد حسن نصر الله في يوم من الأيام أنه تراجع عن موقف اتخذه بل هو على موقف واحد منذ بداية عمله السياسي وختم سيرته على نفس المنهج ومتمسكا به وقدم روحه الطاهرة في سبيله وهذا ما لا نراه إلا بالشخصيات الرسالية وسيرة الأنبياء والأئمة والصالحين.
رابعا، الدقة في التنظيم: لقد استطاع سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله أن ينطلق بحزب الله والمقاومة من مرحلة البنية التنظيمية البسيطة إلى التنظيم الدقيق الحديدي الذي يسير وفق آليات واضحة ويمتلك القدرة في التحكم والسيطرة من أعلى الهرم التنظيمي إلى آخر القواعد الحزبية فوضع بدائلا اكتشفناها بعد استشهاده المبارك، إذ لم تتأثر منظومة التحكم والسيطرة حتى بعد اغتياله مع أغلب القادة العسكريين في الحزب وذلك لأنه ابتدع طريقة فاعلة لترميم البنية التنظيمية أمام أي ضربة حتى لو كانت على مستوى ضرب رأس الهرم التنظيمي وهذا ما لا يمتلكه أكبر الأحزاب بل قد يهدم الدول.
خامسا، العمليات الاستباقية: اعتمد سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله اسلوبا في العمل العسكري والسياسي وهو القيام بعمليات استباقية لإفشال مخطط الأعداء وقد تجلى ذلك في ضربه التكفيريين في سوريا، إذ لم ينتظرهم كي يأتوا إلى لبنان ويبنوا مشروع دولتهم في العراق والشام كما هو اسمهم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المختصرة بداعش بل ضربهم قبل أن يضربوه وقضى على مشروعهم بمهده وكشف ارتباطهم بالمشروع الصهيوني الذي بادر بعد فشلهم كوكيل عنه بالتدخل مباشرة في ضرب لبنان وسوريا وفلسطين والعراق.
سادسا، الحرص على الوحدة الإسلامية والوطنية: لقد جمعتني بسماحة السيد الشهيد حسن ناصر الله جلسات طويلة كان التفكير فيها ينصب على إجراءات مشروع الفتنة التي يعمل لها أعداء الأمة والتي أخطرها الفتنة بين السنة والشيعة ولذلك وفر الدعم الكامل لتجمع العلماء المسلمين ولم يبخل علينا بنصح وواكب مسيرتنا التي ساهمت في القضاء على مشروع الفتنة المذهبية وساهمت في إنشاء تكتلين وحدويين أحدهما أقليمي وهو اتحاد علماء بلاد الشام الذي رأسه سماحة الشيخ الشهيد محمد رمضان توفيق البوطي الذي اغتيل على يد التكفيريين والآخر دولي وهو تأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الذي كان الهدف منه الانتقال من مرحلة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية إلى الدعوة إلى الوحدة على نهج المقاومة باعتبارها تعبيراً حقيقياً عن الوحدة على صعيد عالمي وفي نفس الوقت لم يقتصر همه على الوحدة الإسلامية فقط بل سعى للوحدة الوطنية وهو عندما ساهم في إطلاق التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر إنما أراد من ذلك وقف فتنة طائفية كان يُعمل لها في لبنان ونجح في وقتها في وأدها مهدها وتجلت مظاهر هذه الوحدة بوصول العماد ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية في لبنان.
سابعا، الارتباط بالإمام المهدي: لم يكن السيد الشهيد حسن نصر الله في كل مراحل في حياته إلا عاملا وممهدا لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ضمن نظرية الانتظار الإيجابي الذي يبني على قاعدة يوطئون للمهدي دولته وكان يقول أن كل ما نقوم به في جهادنا هو وصولا للغاية الأسمى وهي بناء دولة العدل الإلهي التي سيقودها الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا وقد كان يتأثر بشكل بالغ حتى البكاء بالنشيد الذي انتشر على كل الأراضي اللبنانية بعنوان سلام يا مهدي والذي كان له الفضل بالإعداد له.
ثامنا، نصرة المستضعفين في العالم: لم يقتصر تأييد ودعم السيد الشهيد حسن نصر الله على المسلمين فقط بل تعداه إلى نصرة كل المستضعفين في العالم وذلك من خلال نصرته للشعب في فنزويلا في صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية الساعية لنهب ثرواتها وكذلك للمستضعفين في البوسنة والهيرسك وأيضا للشعب في كوبا وفي كل مكان كان هناك محاولة من المستضعفين للخروج من سلطة وهيمنة وطمع الجهات الاستكبارية العالمية وعلى رأسها الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأميركية.
تاسعا، نصرة فلسطين: لعل العنوان الأبرز والأول لكل حركة قام بها سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله وقرار أعد له هو فلسطين فإليها تتجه الأبصار ولها كل الإعدادات والتحذيرات وفي سبيلها ترخص الأرواح ولذلك قضى شهيدا على طريق القدس لم يأبه لكل من سعى لثنيه على تشكيل جبهة المساندة لغزة تحت عنوان ما دخلنا في لبنان بما يحصل في فلسطين، بل كان يقول أن ما يقوم به في جبهة المساندة إنما هو في نفس الوقت الذي يشكل نصرة لفلسطين هو نصرة للبنان ودعم له لأن العدو الصهيوني عندما يفرغ من غزة فينتقل إلى لبنان وكانت هذه الرؤية هي الأسوأ وأول دليل عليها هو أن هذا العدو الصهيوني الغاشم يقوم اليوم بخوض حرب على لبنان ويعلن أن هدفه ليس مجرد القضاء على المقاومة المتمثلة بحزب الله بل الإمساك بالسلطة في لبنان كي تتجه نحو الإنصياع الكامل للإرادة الصهيوأميركية وتدخل في مشروع الشرق الأوسط الجديد المبتني على نظرية الإنسحاب أمام الكيان الصهيوني وهذا ما سيكون السيد الشهيد عائقا بوجهه وستقوم المقاومة بواجبها بدحر العدو الصهيوني وإفشال مخططاته”.