فشلت القوات اللبنانية مجددا في دفع رئيسها سمير جعجع الى زعامة المعارضة تمهيدا لتلبية بعض الطموحات الشخصية، لا سيما تلك التي تتعلق برئاسة الجمهورية التي عاد ملفها الى التداول بعد لقاء عين التينة بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الذي أعلن ان رئيس المجلس سيدعو الى جلسة إنتخابية فور إعلان وقف إطلاق النار..
برّاقة هي العناوين التي رفعها لقاء معراب ٢، لكنها لم تتناسب مع الشكل الذي جاء فئويا، محصورا بالقوات واهل بيتها، وبالمضمون الذي يهدف الى النيل من المقاومة في زمن الحرب، ومحاولة الإيحاء بإنتهاء حقبتها والاستعداد لما بعد ذلك، خصوصا أن كثيرا من القواتيين كانوا ينتظرون هزيمة محور المقاومة ليبنوا على الشيء مقتضاه في الحكم والحضور والنفوذ ورئاسة الجمهورية اللبنانية.
كانت الدعوات التي صدرت عن لقاء معراب٢، والتي عرضها رئيس القوات سمير جعجع واضحة لا تحتاج الى كثير من التفسير، وهي حماية لبنان بإقصاء مقاومته، والركون الى قرارات الشرعية الدولية، وقد جاء الرد سريعا ومباشرا من نتنياهو نفسه الذي هدد أمين عام الأمم المتحدة غوتيريتش بضرب قوات اليونيفل داعيا إياه الى سحبها من مواقعها، فأي شرعية وأي قرارات وأي حماية يمكن أن تتوفر في ظل كل هذا الجنون الاسرائيلي الذي ينقلب على الأمم المتحدة بكل دولها غير آبه بالنتائج، ويراه المشاركون في لقاء معراب حمامة سلام!..
بدا واضحا، أن سمير جعجع الذي كان ينتظر بفارغ صبر الانقضاض على المقاومة،
والموعود بدور سياسي أكبر في حال تم القضاء على محورها في لبنان وكل المنطقة، قد “إستعجل الشيء قبل أوانه” وهو حتما سيعاقب بحرمانه، لأن الرد جاء من الميدان هذه المرة، وبالسلاح الذي هو “أصدق إنباء من اللقاءات والعناوين”، حيث أكدت المقاومة أنها ورغم الجراح ما تزال عصية على الضعف والوهن ولم تنهار ليحصر من يتربص بها شرا إرثها، وهي بدأت تصيب مقتلا من العدو الذي يدفع أثمانًا باهظة نتيجة حماقاته، وما إنجازات المقاومين يوم أمس في لواء غولاني في حيفا سوى أكبر دليل على ذلك.
كما جاء الرد في الوقت نفسه من المعارضة اللبنانية التي رفضت في السابق وما تزال ترفض طموحات سمير جعجع بتزعم المعارضة، وهي تصر على قطع الطريق أمام محاولاته المستمرة لتحقيق ذلك، مستغلا في هذه المرة الظروف الاستثنائية التي لم تبدل في صورة المشاركين بلقاء معراب ١ عن صورة المشاركين بلقاء معراب ٢، سواء بالغياب أو بالمقاطعة أو بالتمثيل الخجول، إلا أن المشترك بين اللقاءين هو أن المعارضة بمختلف أطيافها تغرد بعيدا جدا عن سرب القوات وأحلام رئيسها الذي يتعذر عليه قراءة المشهد السياسي بشكل صحيح.
المصدر: سفير الشمال