ممثل المرتضى: علمتنا كيف نقارع الحياة بالحياة
رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا بشوقي ساسين، حفل توقيع كتاب “صفحات بالحبر الابيض” للكاتب والشاعر دوميط منعم المستلقي على كرسيه الكهربائي والمعتمد على جهاز التنفس الاصطناعي في غرفة خاصة في مستشفى البترون منذ 12 تموز1989.
أقيم حفل توقيع الكتاب السادس لمنعم في “قرنعون” في حضور فاعليات اجتماعية وثقافية وكهنة وراهبات، مسؤولي جمعيات ومؤسسات ونخبة من الفنانين والشعراء والاعلاميين بالاضافة الى أصدقاء منعم وعائلته.
فرنجيه
بعد النشيد الوطني، قدم الزميل روبير فرنجيه للحفل، واصفا منعم بـ”شاعر الارادة الصلبة الذي ورث عن الاديب الكبير بولس سلامة لقب “أيوب المرض” وكان على قدر اللقب وتمكن من تحويل المعاناة الى موقف، الى كتاب يجعل من المأساة قصيدة مكتوبة بحبر النضال والايمان والتفاؤل والصبر”.
نخول
ثم ألقى الأب ايلي نخول كلمة، شكر فيها دوميط منعم “لأنه يجمعنا كي نشهد اليوم على ولادة جديدة من مخاض الحرية والايمان والرجاء الموجود في قلبه”، وتحدث عن امثولات ثلاث أعطاها منعم في كتابه، وهي الرجاء في وجه اليأس، الايمان في وجه الإلحاد المعاصر والمحبة الصافية”.
خباز
أما الفنان جورج خباز، فقال: “في هذا الكتاب وبسطور مليئة بالبساطة والعمق في آن معا، يضع دوميط بين أيدينا عصارة فكره ونور قلبه وهيكل جسده المسكون بالمسيح أي بالمحبة، ليخلد مسيرته في كلمات تنير دروبنا وتساعدنا في تصفية نوايانا والمصالحة مع قراراتنا في اللاوعي”.
الأسمر
ثم كانت كلمة للشاعرة أندريه كرم الاسمر قالت فيها: “نلتقي اليوم لنحتفل مع دوميط منعم باصدار كتابه الجديد “صفحات بالحبر الابيض” وبحبره الابيض كتب بصدق وشفافية وعفوية ومشاعر صافية. حمل مصباح النور ليضيء على كلماته، فالكلمة الجميلة هي خارقة في توليد الطاقة في قلبه وتحثه على المزيد من العطاء”.
بربري
وتحدث البروفيسور أنطوان بربري الذي اسس لجنة “مخلع البترون” مع روزين صعب وغابي يازجي لمتابعة شؤون دوميط منعم، فتوجه الى دوميط قائلا: “هذه الصفحات التي كتبتها بعينيك وبالحبر الابيض، تعكس رحلتك في حياتك هذه التي فرضت عليك والتي أدت الى ولادتك الجديدة الواعية منذ 34 عاما. ان افكارك وكتاباتك وافعالك تتناغم تماما مع الطبيعة الام وقوانينها. يمكنني ان أؤكد لك أنك قد وصلت الى حالة الوعي والوحدة مع الله والتي لا يستطيع سوى القليل من البشر تحقيقها في حياتهم. أنت هو المعلم بكل ما للكلمة من معنى. لقد علمتنا الكثير وعلمتنا بصمت ان نكون انسانا متواضعا متجردا تماما من كل الاقنعة التي فُرضت علينا اثناء عملية التدجين لنعيش بحرية وسعادة رحلتنا الارضية القصيرة استعدادا لوجهتنا الروحية النهائية نحو المصدر الالهي”.
ساسين
ثم تحدث ممثل المرتضى، فقال فيها: “صفحات بالحبر الأبيض، إذا سدت أمامك جميع أبواب الحياة، فإنه لن يبقى لك سوى باب واحد مفتوح وليس سواه، ألا وهو باب الحياة. دوميط منعم، لا أزعم أني محيط بكل ما كتبته الأقلام في معنى قوة الأمل، ولا حتى ببعض ما كتبت، على الرغم من شغفي بهذا الموضوع واتساع مطالعاتي فيه. لكنني ما قرأت إلى اليوم، أجمل من هذه الخاطرة ولا أبعد وقعا ببلاغتها وعمق فعلها في الوجدان، حتى لأكاد لا أعدل بها مجلدات ومحابر. ذلك أنها أسرت لي، بفصاحة حبرها الأبيض، إن كاتبها لا يقولها بلسان شخصه فقط، بل بلسان الإنسانية كلها التي ما برحت منذ آلاف القرون تصارع الوجود بقوة الحياة. ويقولها أيضا بلسان لبنان الوطن الذي لا يحيا إلا بفاعلية الأمل المشرق من عتمة الألم. ودوميط منعم المقيم منذ أكثر من ثلاثة عقود على حالة جسد أغلقت دونه الحياة أبوابا، شقت روحه بوابات أوسع أخرى في صميم الحياة نفسها، وبدا لي في خاطرته هذه على مثال الإنسانية في سعيها إلى اكتناه نعمة المِلءِ في الجسد النقصان، وعلى نسق حكاية لبنان في صراعه مع التاريخ، ومع بنيه لامتلاك الحياة. وإذا كانت المسيحية تعلم أن يسوع الناصري غلب الموت بالموت، فدوميط منعم يتنفس فعلا روحانية هذا التعلي الإيماني، حين يعلن جهارا أنه سيغلب الحياة بالحياة”.
اضاف: “لن أحكي شيئا من سيرته التي تعرفون. فلقد تشابه مسراها سنوات وشهورا وأسابيع وأياما وساعات ودقائق وثواني حتى باتت نسمات مللها تداعب روحه كما قال، مثلما تداعب نسمات الصيف أوراق الشجر. ورغم ذلك، أراني الآن في يوم كتابه السادس سجلا من كلمات لا تعرف الصمت ولا صدى السكوت، تائقة إلى الشهادة لعزيمته الروحية الخلاقة التي نقلته من مخلعٍ إلى ماش على دروب الحرية، بعكازين من ملل وأمل. وإذا به، على غرار إنسان نيتشه المتفوق، كيان من مقاومة وإبداعٍ وتجدد، يقيم كل لحظة صراعا عموديا مع الأعلى أي مع القدر، أو الفجاءة الغاشمة، موقنا على الدوام بأنه منتصر في النهاية بقوة الرجاء”.
وتابع: “أما الأبيض الذي ينضح من هذا الكتاب، فليس بحبر ولا صفحات، كما جاء في العنوان. إنه بياض الفرح بالعطاء سال به المداد على شكل حروف. أو إذا شئتم، إنه بياض السلام في قلب أبيض يعشق السلام، أو بياض الفجر على شرفة البترون، أو بياض السنابل في عشيات الحصاد، أو بياض الثلج الذي يستقي منه أرز لبنان. لكأنما يريدنا دوميط ألا نقرأه إلا في معاني البياض الذي يلون مفردات القربى من الله والأرض والناس، فتنهمر نفسه شلالات نثر وشعر، من أعالي حبه الطافح بالإرادة العصماء والوداعةِ البيضاء”.
وختم: “يا أخي دوميط يقول محمود درويش: إفرح بأقصى ما استطعت من الهدوء. أما أنا فأقول لك: إفرح بأقصى ما يتردد فيك من أنفاس، إفرح بأقصى ما أَعطيت أو أُعطيت من رجاء واكتب واكتب واكتب، وشكرا لك لأنك علمتنا كيف نقارع الحياة بالحياة”.
منعم
ثم القى منعم كلمة، دعا فيها “للوقوف دقيقة صمت على نفسي البروفسور جورج بطرس الحاج والشاعر نسيم العلم اللذين غادرا الى دنيا الحق”، وشكر “كل من ساهم وشارك في تنظيم وانجاح الحفل”، وقال: “حثني قلبي ان اتوجه اليكم بهذا الكلام، إذ آن الاوان لنجتمع حول لبنان الوطن ليولد جديدا متجددا. الامر الذي انتظرناه طويلا حتى كاد أن يكون مستحيلا”.
اضاف: “أقدم لكم كتابي هذا بما يتضمن من اختلاجات قلب وانسكاب افكار مكتوبة بالحبر الابيض، حبر الصدق والشفافية والمحبة النقية، وهو يحدثكم بشتى المواضيع تحت شكل خواطر ونصوص مختصرة واشعار في الحب والايمان والوطن”.
وختم: “هذا كتابي، أبحروا في مياهه الهادئة حينا وفي لججه أحيانا أخرى. هذا كتابي وكم اتمنى ان تجدوا بين طياته شيئا من ذواتكم. هذا كتابي وتصبحون على كتب أخرى”.
وكانت كلمة ترحيب وتهنئة من صاحبة “قرنعون” دورا حكيم.
وفي الختام قرأ كل من الكاتب والصحافي حبيب يونس ومدربة الحياة ميريللا جعيتاني محاسب والشاعر مهنا ضاهر من كتاب دوميط منعم ورافقتهم عزفا على البيانو كويديا أيوب.
وتخلل الاحتفال رسم مباشر للفنان هادي يزبك الذي أنجز لوحة من وحي المناسبة.
كما كانت تحية مباشرة عبر تسجيل مصور من فرنشيسكا طويل إبنة منعم بالروح وعائلتها من الولايات المتحدة الاميركية فشكروه على مرافقته لهم بالصلاة وهنأوه على مولوده الجديد معربين له عن محبتهم وتقديرهم.
وفي الختام قطع منعم مع المشاركين قالب حلوى وشرب الجميع نخب كتابه الجديد.