وجه تجمع العلماء المسلمين لمناسبة رأس السنة الهجرية، رسالة الى المسلمين في العالم ولبنان بخاصة، تلاها رئيس الهيئة الادارية الشيخ الدكتور حسان عبدالله، وقال فيها: “تمر علينا ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، والمسلمون يواجهون أصعب مراحل تاريخهم، حيث وصل الصراع مع العدو الصهيوني إلى مرحلة مفصلية، هي نتيجة تاريخ طويل من الجهاد ومن المواجهة ومن تقديم التضحيات، وهذه المناسبة اليوم لا بد من أن نستلهم منها كيفية التعامل مع الأزمات، فإن رسول الله عندما هاجر من مكة إلى المدينة، لم تكن الهجرة من أجل أن يسلم بنفسه لأنهم كانوا يريدون قتله، وإن الله أبلغه بذلك، بقوله تعالى:« وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ » إلا أن الذي حصل أن رسول الله وبأمر من الله أراد أن ينجو بالرسالة التي لم تكتمل بعد، ولا بد من إيجاد أرضية صالحة لكي تنشأ فيها، فكان اختيار الله والرسول للمدينة المنورة التي صدقته وآوته ونصرته. فعبرت عن الموقف العملي الحركي الذي يؤكد صدق الإيمان فضلاً عن وجوده، فما أن يستقر الإيمان في القلب حتى يعبر عن ذاته بحركة إيجابية تؤكده، وما لم يبتعد المؤمن عن كل ما يبعده عن الله ويتحرك نحو كل ما يقربه، ففي إيمانه شك، وفي عزيمته خَوَر، والهجرة لا تُقبل إلا خالصة لله عز وجل، هذه الهجرة تارة تكون من خلال هجرة المعاصي وترك الذنوب، وتارة تكون من خلال الانتقال من مكان إلى مكان آخر حيث يسلم فيها الدين، لأن الله أراد بالنهاية أن ترتفع راية أن لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل أرجاء العالم، وهذا هو تكليفنا الشرعي، وهذا ما أمرنا به الله”.
أضاف: ” اليوم الهجرة تأخذ معنى جديداً هي الهجرة باتجاه العمل لمواجهة العدو في كل أنحاء العالم، واليوم يشن الكفر على الإسلام حرباً لا هوادة فيها تأخذ أبعاداً مختلفة، تارة من خلال الدعوة إلى الميوعة وترك الأخلاق السامية والسعي في الفساد من خلال نشر الشذوذ الجنسي، ومن خلال نشر كل معالم الفساد والميوعة عبر كل وسائل الإعلام، وهذه حرب صعبة ولا بد من مواجهتها من خلال العلماء والشرفاء والمثقفين والكوادر الأساسية في الأمة، ولن يكون ذلك إلا من خلال الوعي الذي يحارب الجهل ويحارب هذه الآفات في المجتمع، وفي الوقت نفسه، نحن اليوم نواجه عدواً ظالماً، عدواً مستبداً، عدواً يمارس في الأمة القتل والتدمير والإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة، في غزة الحزينة هذه الأيام بسبب الظلم الواقع عليها والتدمير اليومي والقتل اليومي لأهلها، كل ذلك من أجل ماذا؟ من أجل أن يثبت هذا الأرعن وهذا المجنون نتنياهو أنه قادر على أن يحقق شيئاً، ولكنه فشل في تحقيق أي شيء، وهو مصر على الاستمرار في الإبادة الجماعية من أجل أن يحفظ منصبه، وكي لا يذهب إلى السجن في حال أعلن عن فشله وإيقاف الحرب على غزة، ولذلك لا بد من الصمود ولا بد من الصبر، وما النصر إلا صبر ساعة”.
وتابع: “لذلك يا أهلنا في غزة، يا أحبائنا في غزة اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله إن الله سينصركم، وهذا النصر بات قريباً، وزوال الكيان الصهيوني بات قريباً لأنهم اليوم يعيشون حالة من الصراع الداخلي الذي قد يصل إلى حد الحرب الأهلية، لأنه كما وصفهم الله «يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ». فإذاً نحن سنعمل من أجل القيام بواجبنا الشرعي، وهذا ما قامت به المقاومة الإسلامية في لبنان عندما أعلنت منذ اليوم التالي لسبعة تشرين الأول أنها دخلت في هذه العملية، عملية طوفان الأقصى ولن تقف الجبهة في لبنان مهما فعل العدو ومهما حاولت الولايات المتحدة الأميركية أن تعمل من أجل نصرة الكيان الصهيوني، سيكون المصير هو الفشل وستُهزم إرادة الشر الأميركي، وسنكون قريباً إن شاء الله على موعد مع نصر محقق يكون مقدمة لزوال الكيان الصهيوني”.
وقال عبدالله: “أولا: يجب أن نتنبه إلى أن أعداءنا لم يسلموا بهزيمة مشروعهم، وبالتالي فإنهم يعدون العدة لفتنة جديدة تنقل الاختلاف إلى داخل محورنا وبين أفراده من خلال بث الفرقة على أساس مناطقي وإعطائها طابعاً اجتماعياً واقتصادياً يحاكي وجع الناس، ما يفرض علينا نحن العلماء تنبيه الناس لذلك، وفضح الجهات التي تقف وراء هذا المشروع والخلفيات التي ينطلق منها.
ثانيا: عدونا هو العدو الصهيوني ولا عدو لنا في أمتنا غيره، والخلافات التي نعيشها هي خلافات اجتهادية لا تضر في وحدة الأمة.
ثالثا: ستستمر المقاومة الإسلامية في لبنان بدعم الجبهة في غزة وفلسطين المحتلة، ولن يتوقف إطلاق النار من جبهة لبنان حتى يحصل الوقف النهائي لإطلاق النار في غزة، وأما إذا لم يحصل ذلك فإن المعركة ستتصاعد وقد تصل إلى مراحل لا يتوقعها العدو الصهيوني.
رابعا: ستبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة التي يجب عليها أن تهب لنصرتها خاصة مع هذه الملاحم البطولية التي نراها في غزة، وفي هذا المجال نُعلن أن مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني قد فشل بلا رجعة، ولذلك نحن ننصح كل قيادات العالم العربي أن تعود لخيار الشعب الفلسطيني الذي هو المقاومة.
خامسا: ندعو اللبنانيين الى الخروج من الحسابات الضيقة إلى رحاب الوطن الكبير وهجرة الاختلاف إلى روح التوافق فإنه بذلك نحمي الوطن ونبني مجده، والمسارعة إلى حوار وطني لانتخاب رئيس للجمهورية تستقيم معه عمل المؤسسات الدستورية”.