عقد حزب “الخضر” اللبناني في اليوم العالمي للتعاونيات، طاولة مستديرة بعنوان “تحديات الأمن الغذائي في لبنان: استراتيجيات تحقيق الاستدامة”، في مركزه في سن الفيل. حضرت اللقاء مديرة التعاونيات في وزارة الزراعة المهندسة غلوريا ابي زيد بالإضافة إلى عدد من الناشطين والباحثين والمهتمين في المجال البيئي وفي السياسات البيئية.
استهل رئيس الحزب فادي أبي علام اللقاء بشرح “مفهوم الأمن الإنساني وأهميته وكيفية انعكاسه على نوعية الحياة الإنسانية”. وفصّل “عناصر الأمن الإنساني كما أقرّتها عام ٢٠٠٠ مفوّضية الأمن الإنساني في الأمم المتحدة وهي تنقسم إلى ٧ عناوين وهي الأمن الصحي والغذائي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والشخصي والسياسي”. وقال: “الأمن الغذائي غير متوفّر في لبنان بسبب غياب الوعي حوله وبسبب عدم اهتمام الدولة بوضع استراتيجيات فعّالة لتطوير القطاع الزراعي ومساعدته على النهوض والتعامل مع التحديات العديدة التي تواجهه”.
وبهدف تحقيق الأمن الغذائي، شرح “الشروط الأساسية الواجب تحقيقها وهي: توفّر الغذاء الصحي والسليم لكلّ الناس، توفّر هذا الغذاء لكل الناس من كل الطبقات الاجتماعية وحسب أذواقهم وتوفّره بشكل مستدام وللأسف فإن كل هذه العناصر غير متوفّرة في لبنان.
وذكّر أبي علّام بالمشهد الذي رأيناه عام ٢٠١٩ ونراه يتكرّر لدى وقوع أي أزمة سياسية أو اقتصادية في لبنان حيث يهرع المواطن لتخزين المواد الغذائية الأساسية لديه وذلك خوفاً من انقطاعها من السوق، وهذا أمر قد حصل ويحصل دائماً، بسبب عدم قدرتنا على تطوير اقتصاد يؤمّن الاكتفاء الذاتي للمجتمع”.
بعد ذلك، تكلّمت أبي زيد عن “دور التعاونيات وأهميتها في المساهمة بتحقيق الأمن الغذائي والأمن الاقتصادي”. وشرحت “الدور الذي تقوم به المديرية لتفعيل دور التعاونيات القائمة ولنشر ثقافة العمل التعاوني وذلك عبر عدّة مشاريع تنفّذها بتمويل من عدّة جمعيات أجنبية، أبرزها مشروع يهدف إلى نشر الوعي حول التعاونيات يستهدف الأطفال في ٥ مدارس لبنانية، على أمل تعميم هذا المشروع على عدد أكبر من المدارس”.
بعد ذلك تكّلم عدد من العاملين والباحثين في القطاع البيئي والزراعي ومنهم الدكتور نزار دندش الذي بيّن ضرر المبيدات والمياه الملوّثة على الإنتاج الزراعي وعرض لعدة ارقام ودراسات تبّين ارتفاع كمية الأمراض وخصوصاً السرطانية منها والتي تعود أسبابها لارتفاع معدّلات المواد الكيمائية المحظورة عالمياً المستعملة في رش المبيدات بالإضافة إلى تلوّث معظم مصادر المياه العذبة المستعملة للريّ في لبنان.
وتحدّثت مديرة مدرسة بعقلين الزراعية منى بو كرّوم وشرحت “الدور الذي تقوم به المدرسة بتخريج طلّاب مزارعين يمتلكون الثقافة والعلم اللازمين لتطبيق تقنيات زراعية حديثة وسليمة تحترم البيئة والتنوّع البيئي وشروط سلامة الغذاء”.
ثم تناول عصام أبو راشد دور القطاع الخاص وعمله في إطار تعاوني مع المزارعين، مشددا على “أهمية الخبرة في التسويق”.
وعرض نجاد سعدالدين من محمية أرز الشوف لتحديات الأمن الغذائي وأثار تغير المناخ والحرائق على المساحات الزراعية، وعرض إنجازات المحمية في إدارة الكتلة الحيوية وتأهيل الأراضي الزراعية وإدارة المياه وإنتاج الكومبوست والبذور المحلية.
وعرض المدرب الزراعي مازن حلواني لأهمية التدريب في المجال الزراعي وضرورة إنشاء مدرسة لتدريب من يرغبون بتأسيس التعاونيات إضافة إلى ضرورة المحافظة على التنوع البيولوجي.
ومن أبرز التوصيات التي خلص إليها المشاركون لتحقيق الأمن الغذائي في لبنان، هي تطوير استراتيجيات فعّالة عبر التشبيك بين القطاعين العام والخاص والعمل على استصلاح الأراضي الزراعية واعتماد الطرق الحديثة في الزراعة وإعادة زراعة الأصناف التقليدية والمحافظة عليها عبر إنتاج البذور المحلية. كذلك اتفق المشاركون على ضرورة نشر الوعي حول الأمن الغذائي وتمكين الناس من تحقيقه في مجتمعاتهم المحلية عبر نشر التوعية في المدارس حول أهمية الزراعة وتشجيع الطلّاب على اختيار هذا الاختصاص عبر حثّهم للعودة إلى أراضيهم وعبر فتح المزيد من المدارس الزراعية في لبنان وذلك.