نظمت مصلحة الزراعة في حزب الكتائب اللبنانية، بالتعاون مع مؤسسة “كونراد اديناور“، ندوة بعنوان “مستقبل الزراعة في لبنان: سياسات متكاملة لتنمية مستدامة” في بكفيا، شارك فيها رئيس الحزب النائب سامي الجميّل وعقيلته كارين، النواب: فؤاد مخزومي، فريد البستاني، أديب عبد المسيح، الياس حنكش والدكتور سليم الصايغ، عميدة كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية نادين ناصيف، مدير عام وزارة الزراعة لويس لحود، مدير مؤسسة “كونراد اديناور” في لبنان مايكل باور، رئيسة بلدية بكفيا نيكول الجميل، رئيس مصلحة الزراعة في حزب الكتائب اللبنانية جورجيو كلاس، نقيب الصادرات الزراعية نعيم خليل، عضو غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة طوني طعمه، ممثلون عن أحزاب: “القوات اللبنانية”، “التيار الوطني الحر”، حركة “أمل”، الحزب التقدمي الاشتراكي و”الكتلة الوطنية”، أصحاب مؤسسات زراعية وصناعات غذائية وعاملين في القطاع الزراعي وخبراء في القطاعين الزراعي والغذائي، وممثلون عن المؤسسات البحثية والشركات الزراعية الرائدة.
الجلسات
وانقسمت ورشة العمل الى ثلاث جلسات، الأولى بعنوان “الممارسات الزراعية المستدامة والابتكار الزراعي”، شارك فيها رئيسة الاتحاد اللبناني للكرمة والنبيذ ميشلين توما، مدير عام “اطياب” – زيت بولس طوني بولس مارون، رئيسة مجلس إدارة “وطى” سهى افرام، مدير تجمع QOOT مارك بو زيدان.
الجلسة الثانية كانت بعنوان “النمو الاقتصادي والوصول الى الأسواق العالمية”، وشارك فيها المدير العام لمؤسسة رينيه معوض نبيل معوض، مدير المبيعات الاقليمي في Maliatec بيتر شلهوب، الأستاذ الجامعي مارك بيروتي ورئيس مجلس إدارة التنمية الزراعية ماريو اخرس.
الجلسة الثالثة عقدت تحت عنوان “الأمن الغذائي والتغذية”، وتحدث فيها المدير التنفيذي في Bureau Veritas رشيد مبارك، رئيسة الاستدامة الزراعية في Biomass رانيا مطر، المهندس المدني الاستشاري راشد سركيس، رئيسة مختبر علم الحشرات في مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية كارين صعب ومهندسة الزراعة الغذائية لمياء واكيم.
الجميل
وقال رئيس حزب الكتائب: “لبنان يتمتع بميزة انتاج اطيب المنتجات الزراعية من خضار وفاكهة يضاهي طعمها كل ما يمكن ان نتذوقه في أي بلد من بلدان العالم، من الدراق الى الكرز الى البندورة وغيرها من المنتجات الزراعية، وهذه ميزة يجب ان نحافظ عليها ونقدر قيمتها ونعمل على استثمارها. ونأسف لتقصير الدولة اللبنانية في هذا المجال، وعدم إيلاء الحكومات المتعاقبة هذا القطاع الاهتمام الذي يستحقه والذي يمكن ان يرفدها بمداخيل مهمة”.
اضاف: “ان التقصير يتم على أكثر من مستوى:
اولا: النقص في مياه الري بسبب عجز الحكومة عن تأمين المياه الصالحة وتأمين محطات التكرير ووضعها في تصرف المزارع في بلد مشهور بمياهه التي كان يصفها الشيخ موريس الجميّل بالبترول الابيض. وهذا التقصير يضطر المزارع اما الى شراء صهاريج المياه وتكبد تكلفتها او ان يلجاً الى الري بمياه لا تلاقي المعايير المطلوبة فيضرب جودة المنتجات.
ثانياً: الاستراتيجية الزراعية هي ما ينادي بها حزب الكتائب منذ سنوات، وقد وردت في برنامج الحزب الانتخابي، ونعتبر ان على المعنيين التركيز على استراتيجية واضحة وعلى الزراعات ذات القيمة التفاضلية العالية أي التي يستطيع لبنان ان يصدرها ويكون المنافس الأكبر لمثيلاتها في العالم، فلبنان غير قادر على المنافسة بالقمح والبطاطا اللذين تنتجهما دول أخرى بكميات كبيرة وأسعار تنافسية.
لبنان يجب ان ينافس بنوعية المنتج والجودة العالية وان تكون علامة “صنع في لبنان” رمزا لأطيب المنتجات مثل التفاح اللبناني او الكرز والدراق والعنب ومنه النبيذ اللبناني الذائع الصيت وزيت الزيتون المميز وغيرها، والتي يمكن ان تغزو الأسواق لفرادة نكهتها في العالم دون منافس. ويجب الاقدام على زراعتها دون غيرها من الأصناف بسبب عدم القدرة على تسويقها. ان الدولة مسؤولة عن تنظيم هذه المسألة وإعطاء هذه الزراعات بالاتفاق مع المعنيين دعماً في الداخل وسوقا في الخارج.
ثالثا: عدم وجود أسواق في الخارج، وهذه مشكلة سياسية بامتياز بسبب ما حصل من عمليات إخفاء حبوب الكبتاغون في الكراتين الزراعية، ما ورط لبنان وتسبب في اقفال الأسواق العربية في وجهه. وهنا تأتي مسؤولية الدولة لمنع هذه الكارثة التي حالت دون تصريف الإنتاج الى الأسواق الطبيعية للبنان، أي السوق العربي”.
وتابع: “في العام 2024 ما من بلد يتمتع بأمن غذائي، وهذا ما ثبته ازمة القمح التي نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية ووقف تصدير المادة الى العالم، فكيف بلبنان البلد الصغير من حيث المساحة والذي مهما زرع لا يمكن ان يؤمن حاجات اللبنانيين من القمح وغيره من المواد. ان المواد يمكن ان تؤمن في ظل انفتاح العالم على بعضه”.
وشدد على “ضرورة إيلاء هذا القطاع الاهتمام اللازم لما يضفيه من جمال على البلد”، لافتا الى ان “الدول المشهورة بمساحاتها الخضراء هي الأكثر جذبا للسياح والحفاظ على هذه الميزة هو حفاظ على الأرض وهوية لبنان الزراعية وعلى مستقبل الأجيال”.
كلاس
بدوره، أشار رئيس مصلحة الزراعة في الكتائب إلى ان “القطاع الزراعي يساهم حاليا بنحو 4 بالمئة فقط من الناتج المحلي بعد ما شكل نحو 23 بالمئة عام 1990. كما ان اليد العاملة تراجعت في هذا القطاع من 15 إلى 4 بالمئة”.
اضاف: “يستورد لبنان نحو 80 بالمئة من احتياجاته وهذا لا يعود للنقص في الأراضي الزراعية لدينا بل لأننا نستخدم فقط نحو 30 بالمئة من هذه الأراضي. كما أن هناك نحو 20 بالمئة من الأسر اللبنانية تعاني من انعدام الأمن الغذائي، ورغم هذه المؤشرات السلبية إلا أن لبنان يمتلك إمكانات طبيعية وبشرية هائلة في المجال الزراعي من بينها تربة غنية متنوعة ومياه وفيرة والعوامل المناخية”.
ودعا الى “وضع سياسات زراعية مستدامة للمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، فالقطاع الزراعي يمتلك إمكانات هائلة لدفع النمو الاقتصادية وضمان الامن الغذئي”.
ولفت الى خطوات عدة يمكن اعتمادها منها: “الإستفادة من تنوع النباتات الطبية والعطرية الموجودة لتطوير سوق متخصصة في هذا المجال، وتطبيق التكنولوجيا وتشجيع الزراعات الحرجية وإدخال زراعات مقاومة للأمراض ولشح المياه وتشجيع الاستعانة بالذكاء الاصصناعي”.
باور
اما مدير مؤسسة “كونراد اديناور”، فقال: “نجتمع اليوم لمناقشة قضية ملحة تؤثر على كل مواطن في هذا البلد، وهي مستقبل الزراعة. نحن على مفترق طرق يتمثل بالتدهور البيئي وعدم اليقين الاقتصادي وغيره. ومن الواضح أنه من خلال الزراعة العضوية، والمحافظة على المياه، وإدارة التربة، يمكننا الحفاظ على البيئة الطبيعية وحماية رزق الفلاحين”.
وشدد على ان “النمو الاقتصادي يعتمد على إحياء قطاع الزراعة في لبنان”، داعيا الى “مقاربة سياسة زراعية جديدة توفر فرص عمل لنسبة كبيرة من سكان لبنان من خلال الاستثمار في التقنيات الزراعية الحديثة وتحسين البنية التحتية وتعزيز الوصول إلى الأسواق”.
وقال: “ان تأمين الأمن الغذائي ليس فقط مسألة سياسية، بل واجب أخلاقي وان التوترات الجيوسياسية الأخيرة وبشكل أكثر تحديدا بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، أظهرت لنا الضعف في سلسلة التوريد الغذائي”.
وأكد ضرورة “اعتماد نهج سياسي جديد تجاه الزراعة في لبنان”.
ناصيف
أما عميدة كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، فلفتت الى دور القطاع الزراعي في التنمية الاقتصادية المستدامة، مشيرة الى أن “قطاع الزراعة في لبنان بأمس الحاجة إلى التفعيل ان على صعد الري، وتحسين الانتاج، وتطوير أساليب الزراعة واستخدام التكنولوجيا والوسائل الحديثة لخلق الصناعات الغذائية وتنميتها وتحديث التقنيات الزراعية، ووضع خطة مستدامة تساعد على خلق فرص عمل جديدة تساهم على خلق اقتصاد حيوي ومتين”.
وأوضحت ان “الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان جعلت المزارع يعتمد على البذور المحلية والحد من الاسمدة ومواد أخرى لحماية النباتات، واستعمال الطاقة الشمسية، وهذا ما يستوجب مضاعفة الجهود من أجل اعتماد الركائز الاقتصادية المنتجة ومن اهمها المحافظة على البيئة والتفاعل بين القطاعات الانتاجية”.
وتطرقت الى دور كلية الزراعة والطب البيطري في الجامعة اللبنانية التي حازت مؤخرا على اعتمادCTI في الهندسة الزراعية.
لحود
من جهته، أشر مدير عام الزراعة إلى “ورش العمل الثلاث في المؤتمر: الممارسات الزراعية المستدامة، والابتكار الزراعي والنمو الاقتصادي، والأمن الغذائي والتغذية”.
وأعلن ان “كليات الزراعة في جامعات: اللبنانية، الأميركية، اليسوعية والروح القدس الكسليك ستقدم خبراتها، بالإضافة إلى الأبحاث التي تقوم بها لتحسين النوعية وخفض الكلفة وتقديم انتاج زراعي وحيواني ملائم للمواصفات المطلوبة”.
ودعا البلديات الى “إعادة استثمار الأراضي الزراعية التابعة لها”، معلنا “التعاون مع الاوقاف المسيحية والإسلامية”، وقال: “لقد عقدنا ثلاثة اجتماعات مع مجلس البطاركة الموارنة، وبدأت الأبرشيات والرهبانيات وكل الاوقاف على اختلاف طوائفها بالعمل”.
ودعا البلديات الى “استثمار الأراضي من أجل تأمين فرص العمل، وتثبيت المزارع في ارضه وتخفيف النزوح الداخلي والهجرة، وتخفيف الاستيراد”.
وبالنسبة الى التسويق، قال: “وزارة الزراعة ورغم كل الاتفاقيات المجحفة بحق القطاع الزراعي، تتعاون مع وزارتي الخارجية والاقتصاد لإعادة النظر بهذه الاتفاقيات، وان رئيس لجنة الاقتصاد النائب فريد البستاني قام بمبادرة جيدة بدرس هذه الاتفاقيات، ونتابع معه لتعديلها ولحماية انتاجنا الزراعي، فالزراعة في كل الدول حولنا مدعومة، ولكن لبنان لا يدعمها، وموازنة الوزارة اقل من0,8 بالمئة، فلا يمكن القيام باتفاقيات مع دول تحمي الزراعة ونحن لا نحمي مزارعينا”.
وأشار إلى “تهريب الأدوية الزراعية الممنوعة الى لبنان، والى ضرورة مكافحة تهريب الإنتاج الزراعي من الدول المجاورة الى لبنان وحماية المزارع اللبناني وإنتاجه”.
الصيفي
ولفتت الاعلامية ميشا الصيفي التي قدمت الندوة، الى أن “قطاع الزراعة يشكل ثالث أهم القطاعات الاقتصادية في البلد، إذ من المعروف أن الزراعة كانت ولا تزال ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني حيث تساهم في الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها توفر فرص عمل لنسبة لا يستهان بها من القوة العاملة”.