نظم رئيس “المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الإسلامية وحوار الأديان” العلامة الشيخ محمد حسين الحاج لقاء حواريا بعنوان: “النظام السياسي والإداري في الدولة عند الإمام علي”، حضره رجال دين وفكر وسياسة وعلم وإعلام.
بعد كلمة للصحافي قاسم قصير، تحدث الحاج مهنئا ب”عيد الغدير، الذي يأتي هذا اللقاء الحواري في سياقه، للبحث في كيفية إدارة الإمام علي لنظام الحكم السياسي والإداري أثناء توليه الخلافة، وللاستفادة من ذلك في حاضرنا، نظرا إلى ما نعانيه من عدم العدالة والفساد في حاضرنا”.
وأشار إلى أن “الموضوع الأساس في معالجة هذا الموضوع يكمن الولوج إليه من خلال عهد الإمام علي لمالك الأشتر حين ولاه على مصر، وما يتضمنه من قواعد أساسية للحكم يجب على الحاكم التقيد بها منها: العمل الصالح، والرحمة للرعية والحب لهم واللطف بهم، فالناس صنفان إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق. وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل وأجنعها لرضى الرعية”.
ملص
وتحدث الشيخ مصطفى ملص عن “محاربة الفساد من قبل الإمام علي، وأنه أول الناس إسلاما وأكثرهم فعالية، حيث كان رسول الله ينتدبه في المهام العظيمة كفتح حصن خيبر. كما أرسله قاضيا إلى اليمن، ومنحه الولاية أثناء عودته من حجة الوداع”.
وأشار إلى أن “الإمام كان يحمل الكثير من القيم، وكان عمله يتطابق مع قيمه، وكان يرفض كل السلوك السيء للحكام، وغدت أخلاقه وما كتبه من مبادىء في عهده لمالك الأشتر قواعد سلوك للحكم والحكام”، لافتا إلى أن “الإمام بدأ ولايته بمحاربة الفساد، الذي كان مستشريا في عهد عثمان، فعزل العمال المسؤولين عن بيت مال المسلمين، وقال إن العدل أفضل السياسية. وكان موقفه من ولاية عمر على الشام قياسا لمدى استجابته للحق، لأنه لم يكن يريد إعطاء مشروعية للفساد. ولذلك، استرجع أموال بيت المسلمين من الولاة والنافذين، ونهى العمال عن قبول الهدية، وباغتياله تم اغتيال مشروع الإصلاح في الإسلام”.
وختم: “كم نحتاج في لبنان إلى سلوك طريق الإصلاح عند الإمام علي، وهل سيجود الزمان علينا برجل مثله؟”.
عكرة
من جهته، تحدث الدكتور أدونيس عكرة عن المواطنية، وقال: “إنه موضوع مشترك مع ما نصت عليه صحيفة المدينة، حيث كانت في المدينة جماعات متعددة ومختلفة من يهود ومسلمين وأنصار ومهاجرين، وكانت هذه الجماعات متنوعة ثقافيا. وفي قيادته لهذه المجموعات اعترف لها النبي محمد بالحق في الاختلاف وبطريقة حل أمورهم وفقا لعاداتهم ومعتقداتهم الدينية، حيث أكد حرية المعتقد والرأي والمساواة، رغم الاختلافات الدينية”.
وأوضح أن “مفهوم المواطنية متعدد الثقافات، وحرية المعتقد أحد عناصره الأساسية”، وقال: “يمكن أن يكون المرء متدينا أم لا، وكلهم مواطنون”، وقال: “في النظام المواطني، الشعب هو مصدر السلطات. أما في صحيفة المدينة فإن الله هو مصدر السلطة، وهي لا تحتوي على آلية لإيصال الحاكم الى السلطة أو لانتقال الحكم، وهذا الأمر موجود في وثيقة الأخوة الإنسانية التي تحدد مفهوم المواطنة بدقة، وأهمها المساواة في الواجبات والحقوق”.
حطيط
وأشار الدكتور نسيب حطيط إلى “عالمية الهوية عند الإمام علي”، وقال: “هو لكل المذاهب الإسلامية، وللإنسان عموما”.
أضاف: “إن التشريع عند المسلمين مصدره القرآن الكريم والسنة النبوية، وإن عهد الإمام علي الى مالك الأشتر هو محاولة نقل التشريع الى التطبيق العملي”.
وتابع: “كان هناك إصرار من الناس على تولي الإمام الخلافة، إضافة الى ما بلغ به رسول الله، فالسلطة كانت من مصدرين. كما قال إن الإمام طلب من مالك الأشتر أن يعود بالأمور في الحكم الى كتاب الله والاجتهاد، كون الحاكم ليس معصوما كونه من البشر، وأنه ورد حوالى أربعين قاعدة للحكم والإدارة عند الإمام علي منها: عدم عصمت الحاكم الشرعي والسياسي، تحريم الإثراء غير المشروع، منع الرشوة، العدالة في فرض الضرائب”.
وأردف: “تظهر أهمية قواعد الحكم عند الإمام علي في أنها ردمت الهوة بين القول والفعل، وفي أنه بدأ بنفسه ليكون مثلا وقدوة للناس، داعيا الناس الى محاسبة الحاكم بالمقارنة بين حاله حين توليه السلطة وعند خروجه منها”.
وختم: “إن الإمام علي هو نموذج صالح للحاكم في عصرنا هذا”.