زار وفد من لقاء “مستقلون من أجل لبنان” الكاثوليكوس آرام الأول منوها بالخطاب الذي ألقاه في الكونغرس الأميركي، وكان محوره دور الدين في جيوبوليتيك الشرق الأوسط، وأهمية الحوار المسيحي – الاسلامي في توفير الاستقرار في المنطقة.
ضمّ الوفد رافي مادايان وبسام الهاشم ورياض نعيم وسيريل نفّاع وبيار الجميّل وأمين أبو جود وفادي بركات وخليل برمانا وأيوب الحسيني وجوزيف مارون وميشال عيسى الخوري وآني كوتشريان ونارا حاوي واسكندر كفوري وهامو موسكوفيان وإلياس عبود.
نوه الوفد أيضاً بالكلمة التي كانت للكاثوليكوس في نيسان الماضي في ذكرى الإبادة الأرمنية، وربط فيها بين سياسة الإبادة التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة وبين المشاركة التي كانت لإسرائيل هذه في إبادة شعب كره باخ الأرمني.
وأيد الوفد “ما ذهب إليه قداسته، هكذا، من قول بوجود ترابط وتشابه ما بين القضيتين الأرمنية والفلسطينية، باعتبار كلتيهما قضية إنسانية عالمية وعادلة، فقد أشاد أيضاً بالمطالبة التي تضمنتها كلمته المشار إليها بوقف الإبادة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، ونوّه، في هذا المعرض، بما بات ثابتاً في نظر المؤرخين مِن أن مَن وضع الأساس الفكري والسياسي للطورانية الواقفة، كما هو معروف، وراء إبادة الأرمن، إنما كان تحديداً الحركة الصهيونية الناشئة من رحم طائفة الدونمة، التي، من جهتها، دعت إلى إقامة دولة يهودية في القدس، وفي آن معاً الإطاحة بالخلافة الإسلامية”.
ودعا الوفد إلى “إقامة حوار وطني نيابي وسياسي وروحي تشارك فيه نخب المجتمع المدني لمعالجة الأزمة الرئاسية”. ورأى أن “الممارسة الدستورية الآيلة إلى انتخاب الرئيس يجب أن تاتي ترجمةً لأسس وفاقية وطنية، باعتبار أن نظام الديمقراطية التوافقية اللبناني (Consociational Democracy) يحتّم التفاهم بين مختلف الطوائف والمكونات، وجميعها جماعات أقلوية، قبل انتخاب الرئيس، وأن التعديلات الدستورية الواردة في اتفاق الطائف وملحقاته تزيد من أهمية التوافق والتفاهم قبل الاقتراع في البرلمان لهذا الاسم أو ذاك.”.
وشدد الوفد على “ضرورة تثبيت الشراكة الاسلامية المسيحية، والميثاق الوطني، وكذلك التمسّك باتفاق الطائف، الضامن لصيغة المناصفة ولمشاركة المسيحيين في إدارة الحكم ومؤسسات الدولة. وفي هذا السياق، لفت الوفد إلى ضرورة تطوير اتفاق الطائف، وتحديثه، فضلاً عن تطبيق بنوده الاصلاحية”.
بدوره أشاد الكاثوليكوس آرام الأول بالمبادرات والأتصالات التي يقوم بها اللقاء، وشدد على خطورة الوضع بالنسبة للمسيحيين ووجودهم جرّاء الفراغ الرئاسي وجرّاء تراجع الدور المسيحي على المستوى الوطني، واعتبر أنه يلمس مؤشرات كثيرة لهذا الوضع المتأزم، وذكر ان هذا الوجود المسيحي في لبنان مهم وحيوي بالنسبة لكافة شعوب المنطقة ولاسيما المسلمين منهم أيضاً.
ولفت أن الطائفة الأرمنية معنية كغيرها من المكونات بمعالجة الأزمة الرئاسية إنطلاقاً من المصلحة الوطنية اللبنانية ولطالما كان الأرمن همزة الوصل والجسر فيما بين كافة العائلات الروحية والأطراف السياسية. وأوضح انه على تواصل دائم مع بكركي والكاردينال بشارة الراعي والبابا فرنسيس وحكومات دول الخماسية من أجل التوصل الى حل الأزمة الرئاسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وأشار الى أن الأنقسامات المسيحية – المسيحية تعرقل عملية إنتخاب الرئيس علماً ان اتفاق الطائف الذي يحفظ المناصفة ويصون الدور المسيحي في الدولة والنظام يستدعي التفاهم والتوافق فيما بين جميع المكونات والاطراف لأجل إنتخاب الرئيس.
وشدد على ضرورة الحفاظ على المناصفة واتفاق الطائف كمقدمة لكل التفاهمات الوطنية والميثاقية المقبلة. وتطرق قداسة الكاثوليكوس لزيارته الى الفاتيكان قبل أيام قليلة ولقائه مع البابا ورئيس حكومة الفاتيكان الكاردينال بارولين ورؤساء الاقسام في حاضرة الفاتيكان، ونقل عن البابا أهتمامه الكبير بلبنان والفراغ الرئاسي ومعضلات الوجود المسيحي ودعوته الى انتخاب الرئيس المسيحي بأسرع ما يمكن، ولهذه الغاية سيوفد البابا الى بيروت الكاردينال بارولين في الأيام المقبلة للمساعدة والمساهمة في تقريب وجهات النظر بين الأحزاب والاطراف المسيحية، وهذا يعني وفق آرام الأول أن الفاتيكان سيتدخل مباشرة مع المسيحيين اللبنانيين لحل أزمة الرئاسة وأن تعيين المطران ميشال جلخ أميناً لسر دائرة الكنائس الشرقية في الفاتيكان يأتي في هذا السياق من الإهتمام الفاتيكاني بمصير المسيحيين في لبنان ودول المشرق.
وأعرب الكاثوليكوس أن الفاتيكان لن يتدخل في إختيار اسم الرئيس فهذه مهمة تقع على عاتق الأطراف والمكونات اللبنانية علماً ان حكومة البابا تفضّل رئيساً قادر على جمع كلمة جميع الأطراف اللبنانية وأن لا يكون صدامياً مع اي جهة. وحثّ الأحزاب والتكتلات المسيحية على الحوار مع الأطراف الأسلامية بما في ذلك “حزب الله” ولا سيما أن الأخير أيّد ترشيح الوزير سليمان فرنجية دون أن يعني ذلك انه قام هو بترشيحه مما يجعلنا نستنتج أن القيادة الشيعية تدعو الأطراف المسيحية الى تقديم أسماء أخرى والحوار معها حولها للتوصل الى تفاهم على انتخاب أحد الأسماء الى الرئاسة .