بعد قراره المفاجئ بحل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة، في خطوة وصفها البعض بأنها محفوفة بالمخاطر، يواجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون جملة من الأزمات بعد الرهانات الفاشلة التي عوّل عليها، حيث يبدو حزب ماكرون نفسه في حالة من الفوضى والارتباك، مع شعور نواب وأعضاء الحزب بالصدمة من قرار رئيسهم الانفرادي بحل البرلمان دون استشارتهم.
وتشير استطلاعات الرأي إلى احتمالية حصول حزب لوبان “التجمع الوطني” على مقاعد قد تصل إلى 270، أي حوالي ثلاثة أضعاف ما حصل عليه في انتخابات 2022، ما سيجعله الحزب الأكبر ويعطي لوبان حجة قوية لاختيار رئيس الوزراء المقبل.
وبحسب الصحيفة فإن هذا يبقى “سيناريو مزعج لماكرون الذي قد يصبح أول رئيس فرنسي منذ الحرب العالمية الثانية يضطر لتسليم مفاتيح الحكومة لليمين المتطرف”.
ورغم إقراره بخطورة صعود اليمين المتطرف، إلا أن ماكرون رفض الاستسلام، معتبرا أن الانتخابات ستكون فرصة للناخبين لتوضيح خياراتهم.
لكن محللين يحذرون من أنه قد يكرر بذلك خطأ رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون الذي خسر رهانه في استفتاء البريكست.
في هذا السياق، يقول مجتبى رحمن، المدير الإداري لأوروبا في شركة “يوراسيا غروب” الاستشارية، أن ماكرون يسير على نفس خطى كاميرون الذي راهن بمصير بلاده وخسر، معتقدا أن التخويف من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سينجح لكنه أخطأ التقدير”.
وعلى صعيد آخر، أثار قرار ماكرون المفاجئ صدمة وإحباطا في صفوف نواب حزبه الذين وجدوا أنفسهم فجأة خارج البرلمان.
وقال باتريك فينيال “كنت حزينا للغاية يوم الأحد”. “كانت صدمة. كان ذلك عنيفا”.
من جهتها، قالت هيوجيت تيجنا، النابئة التي وجدت نفسها فجأة بلا وظيفة: “علمت بذلك في الوقت الفعلي، أثناء مشاهدة خطابه على التلفزيون”.
وأثارت خطوة ماكرون قلقا أيضا في الأسواق المالية من احتمال أن يصعّب قرار تعليق لبرلمان على الحكومة ضبط العجز والدين العام، ما دفع وكالة موديز للتحذير من مراجعة تصنيف فرنسا الائتماني.
وربما يكون رئيس الوزراء الشاب غابرييل أتال، الذي كان يُنظر إليه كنجم صاعد ومرشح لخلافة ماكرون، أبرز ضحايا مقامرة ماكرون.
واعتبرت صحيفة الغارديان، أن قرار ماكرون تبقى “مقامرة كبيرة”، قد تتسبّب في المزيد من الخسائر لحزبه، مما يعيق بشكل فعال ما تبقى من فترته الرئاسية ويمنح، اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، المزيد من السلطة.
وذكرت أنه من غير المحتمل أن يسعى ماكرون لضمان الأغلبية البرلمانية في هذه الانتخابات المبكرة. فالجبهة الجمهورية، وهي تحالف الأحزاب التي اتحدت في الماضي لمنع صعود التجمع الوطني اليميني المتطرف، قد تضاءلت قوتها بشكل كبير وأصبحت شبه منعدمة. كما أن شعبية ماكرون شهدت تراجعا مستمرا في الآونة الأخيرة، بحسب الغارديان.
ومع ذلك، يتوقع معظم المحللين أنه في حين قد يخرج الحزب اليميني المتطرف بعدد أكبر من النواب، فمن غير المرجح أن يفوز بما يكفي من المقاعد ليمنحه الأغلبية أيضا، مما يعني أن البرلمان القادم قد يكون أكثر فوضوية وعدم فعالية من البرلمان الحالي.
من جهتها، وصفت “بوليتيكو” أيضا خطوة ماكرون بـ”المقامرة السياسية غير المعتادة”، غير أنها تشير إلى أنها قد تحمل بعض المخاطر لمارين لوبان، التي تضع نصب عينيها الفوز بالرئاسة في عام 2027.
المصدر: الحرة