خلال إعلانه الاستقالة من حكومة الحرب المصغرة، قال زعيم حزب الوحدة الوطنية المعارض في إسرائيل، بيني غانتس، “للأسف نتانياهو يمنعنا من تحقيق نصر حقيقي، لذلك نحن نترك حكومة الوحدة بقلب مثقل ولكن ممتلئ”.
وبعد أن “توعد” في 18 أيار الماضي، بتقديم استقالته، كشف غانتس الأحد أنه يستقيل من حكومة الحرب في “خطوة قد تزعزع استقرار قبضة رئيس الوزراء نتانياهو الضعيفة على حكومته الائتلافية”، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
ويُنظر إلى غانتس على أنه ثقل موازن -أكثر ليبرالية- لنتانياهو.
ويقول محللون إن استقالته ستزيد الضغط على نتانياهو لإنهاء الحرب في غزة، بينما يرى آخرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “المحاصر” يمكن أن يعتمد أكثر على حلفائه من اليمينيين المتطرفين للحصول على الدعم.
بعد خلافات متكررة مع نتانياهو والأحزاب الدينية القومية المتطرفة في الائتلاف الحاكم، أعلن غانتس استقالته بعد ثلاثة أسابيع من منحه رئيس الوزراء مهلة من أجل التوصل إلى استراتيجية واضحة لما بعد الحرب في غزة.
وحتى قبل انقضاء المهلة، عبر غانتس عن استيائه في أكثر من مناسبة من أداء الحكومة وأثار جدلا حول عدد من القضايا مثل قيادة الجيش وضرورة فتح المجال للتوصل لاتفاق بشأن حل الدولتين مع الفلسطينيين.
من هو غانتس؟
بيني غانتس ابن أحد الناجين من المحرقة وقضى معظم حياته المهنية في الجيش.
ولد في التاسع من حزيران 1959 في قرية “كفار أحيم” جنوبي إسرائيل والتي شارك والداه المهاجران الناجيان من المحرقة في تأسيسها.
التحق بالجيش في عام 1977 وأكمل دورة الاختيار الصعبة للمظليين.
بعد ارتقائه بالرتب، تولى قيادة وحدة “شالداغ” للعمليات الخاصة بالقوات الجوية.
ووفقا لسيرته العسكرية الرسمية، كان غانتس ملحقا عسكريا لإسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية بين عامي 2005 و2009.
شغل غانتس الذي يوصف على نطاق واسع بأنه “خصم نتانياهو” منصب رئيس أركان الجيش في الفترة بين عامي 2011-2015، وتباهى في مقطع فيديو بعدد المقاتلين الفلسطينيين الذين قتلوا والأهداف التي دمرت تحت قيادته في حرب عام 2014 “الدموية” التي خاضها ضد حماس في غزة.
بعد تركه الجيش في عام 2015، عمل في مجال التجارة قبل أن يتحول إلى السياسة في عام 2018.
ويتمتع غانتس بشعبية كبيرة بين الناخبين الإسرائيليين، والمعروف بأنه نقيض ثابت و”منصف” لنتانياهو “الحاد والمضطرب في بعض الأحيان”، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
غانتس متزوج وأب لأربعة أولاد، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس في التاريخ من جامعة تل أبيب، ودرجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا وماجستير في إدارة الموارد الوطنية من جامعة الدفاع الوطني في الولايات المتحدة.
تصوره لحل الصراع
غانتس منفتح بشكل ملحوظ على فكرة التوصل لتسوية سياسية مع الفلسطينيين أكثر من نتانياهو وحلفائه اليمينيين، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، الذين يرون أن إقامة دولة فلسطينية أمر مستحيل.
وعلى الرغم من “عدم ثقته في عدد كبير من القادة الفلسطينيين” وفق تعبير وكالة رويترز، بدا غانتس دائما أكثر استعدادا لقبول حقيقة أنه يتعين على الإسرائيليين والفلسطينيين في نهاية المطاف أن يتعلموا العيش في منطقة واحدة. وقال في أحد تصريحاته “لن يذهب أحد إلى أي مكان”.
ومع وصول العلاقات بين واشنطن وإسرائيل إلى أدنى مستوياتها بسبب سير الحرب وتزايد عدد القتلى الفلسطينيين في غزة، كان غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت من بين القلائل في الحكومة يحظون بثقة الإدارة الأميركية.
وفي وقت سابق من هذا العام، زار غانتس واشنطن مما أثار غضب حلفاء نتانياهو الذي لم يتلق حتى الآن دعوة لزيارة البيت الأبيض.
ويعتقد كثيرون في اليسار أن غانتس وشركاءه الوسطيين كان عليهم مغادرة الحكومة في وقت مبكر عن ذلك.
ولكن آخرين، مثل إيناف تسينغوكار والدة أحد الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة، توسلوا إليه للبقاء في الحكومة ومحاولة تمرير اتفاق لإعادة الرهائن. لكن في النهاية بدا رحيله حتميا.
وقال أفيف بوشينيسكسي، المستشار الإعلامي السابق لنتانياهو، إن محاولة غانتس الضغط على رئيس الوزراء لم تنجح إلا في تمهيد الطريق لخروجه في النهاية.
وأضاف “لقد حاصر غانتس نفسه لأنه لا يستطيع التراجع، لا يمكنه التراجع عن تحذيره النهائي”.
رؤيته للحرب في غزة
بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 تشرين الاول 2023، قام نتانياهو بتشكيل حكومة حرب، وضم إليها غانتس.
وضمت حكومة الحرب تلك، متنافسين ألداء، وهم: نتانياهو وغانتس ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.
ورغم كون غالانت عضوا في حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو إلا أنه خصم سياسي لرئيس الوزراء.
مع استمرار الحرب في غزة، دعا غانتس نتانياهو الشهر الماضي إلى طرح خطة ما بعد الحرب تتضمن إعادة عشرات الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس في غزة، بالإضافة إلى خارطة طريق لتجريد قطاع غزة من السلاح وتحديد هوية المعتقلين.
وقال غانتس إنه إذا لم يتم تنفيذ الخطة بحلول 8 حزيران، فسوف يستقيل من حكومة الحرب.
وتابع في خطاب له في مايو الماضي، مخاطبا رئيس الوزراء “الخيار بين يديك”.
ومنذ أن أصدر غانتس إنذاره، لم تأت أي خطة من نتانياهو رغم إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن الأسبوع الماضي ما قال إنه اقتراح إسرائيلي يمكن أن يسهل عودة الرهائن وإنهاء الحرب، لكن الاقتراح لم يتناول بشكل كامل ما سيحدث في “اليوم التالي” للحرب، كما قال الزعماء الإسرائيليون والأميركيون، الذين أشاروا إلى المخاوف بشأن ما سيأتي بعد توقف إسرائيل عن القتال هناك.
وقال مكتب غانتس، الجمعة إنه كان من المقرر أن يتحدث مساء السبت، ولكن بعد عملية إسرائيلية صباح، السبت، سهلت إنقاذ أربعة رهائن أحياء من غزة، قال غانتس إنه سيؤجل خطابه.
المصدر: الحرة