استحقت عاصمة الشمال طرابلس أن تكون قبلة أنظار متتبعي الرياضة على مدى أسابيع، وذلك بعد النجاحات المتتالية التي حققتها فرقها على المستوى الوطني في مختلف الرياضات الجماعية، والتي تمكن خلالها أبناء المدينة من مقارعة كبار الأندية اللبنانية.
بداية الحكاية كانت مع نادي “الزهراء” للكرة الطائرة، الذي استطاع إحراز بطولة لبنان لأندية الدرجة الأولى في الكرة الطائرة، في إنجاز غير مسبوق، ليتبعه نادي “طرابلس” لكرة القدم الذي فاز بكأس لبنان في كرة القدم.
وتأتي هذه الانتصارات حصيلة الاستراتجية التنموية التي وضعها الرئيس نجيب ميقاتي، والتي أثمرت سلسلة من المشاريع والانجازات المستمرة على المستوى الصحي، والاجتماعي، والتربوي ، والرياضي… إضافة إلى الدعم الكبير من قبل “جمعية العزم والسعادة الاجتماعية” التي لم توفر جهداً في سبيل صعود أبناء المدينة إلى منصات التتويج بعد غياب.
ستة عقود من الانتظار
مع انطلاق صافرة بداية بطولة لبنان للكرة الطائرة للموسم الحالي، بدا واضحاً أن نادي “الزهراء” لن يرضى بغير لقب البطولة الذي غاب عنه منذ تأسيسه قبل نحو ستين عاماً. وهذا ما ترجمه الفريق بتحقيقه المركز الأول في الموسم المنتظم، ليتابع نغمة الانتصارات في “الفاينل سيكس”، ويتربع على عرش الصدارة. وفي المربع الذهبي، يمكن الفريق “الميناوي” من تجاوز تنورين بسهولة تامة، وبنتيجة (3-0)، ليصل إلى المباراة النهائية مواجهاً فريق “الأنوار الجديدة” صاحب السجل الحاف في اللعبة. ورغم تأخره في السلسلة النهائية بنتيجة (2-0)، إلا أن أبناء المدرب ميهايلوفيتس عرفوا كيف يستعيدون دفة القيادة، ويحققوا ثلاثة انتصارات متتالية، كان أحدها على ارض الفريق الخصم ووسط جمهوره. وكانت قمة الإثارة في المباراة الخامسة التي احتضنتها القاعة الرياضية المغلقة في الميناء، عندما تمكن “الزهراء” من حسم اللقلب بفضل عزمية وتصميم لاعبيه، والذي بدا من خلال الإرسالات الساحقة وحوائط الصد المحكمة على امتداد المباراة، التي انتهت لصالح أبناء طرابلس بنتيجة (3-1)، وإحراز لقب البطولة للمرة الولى في تاريخ النادي والمدينة.
طرابلس: ضربة معلم
أيام قليلة بعدها، استطاع نادي “طرابلس” تحقيق لقب كأس لبنان لكرة القدم، بعد إزاحته قطبي كرة القدم اللبنانية في السنوات الأخيرة فريقي “الأنصار”، و”النجمة”، إضافة إلى الفرق الأخرى التي واجهها في مشواره نحو اللقب.
ويمكن القول أن المشوار الجدي نحو التتويج قد بدأ في نصف النهائي، بمواجهة “الأنصار”، صاحب الرقم القياسي في إحراز البطولة (13 مرة)، حين استطاع أبناء المدرب إسماعيل قرطام تحقيق الفوز بنتيجة لافتة (3-1)، ليضربوا موعداً مع فريق عريق آخر، هو “النجمة” في النهائي.
ورغم أن المباراة جرت على أرض الخصم ، ورغم “شبح” نتيجة اللقاءين السابقين في الدوري امام الفريق النبيذي، إلا أن الطرابلسيين استطاعوا فرض إيقاعهم على أغلب فترات المباراة، التي انهوها لمصلحتهم بهدفين رائعين من توقيع هداف الدوري اللبناني النيجيري مايكل هليغبي، الذي سدد كرة من على بعد 35 متراً، اخترقت الشباك النجماوية وسط ذهول المتابعين.
ثم عزز وليد فتوح تقدم أبناء طرابلس بعد استغلاله خطأ دفاعياً من فريق النجمة، الذي عاد وسجل هدف الشرف في الوقت بدل الضائع، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لانتزاع الكأس من النادي الطرابلسي، الذي عاد بها إلى المدينة وسط فارحة عارمة من جماهيره التي استقبلته بالتهافات والأهازيج عند المدخل الجنوبي للمدينة فور عودته من عروس الجنوب.
إنها حكاية نجاح إذن، كتبتها عزيمة أبناء الفيحاء الذين بدوا مصرين على رسم الصورة التي تليق بالمدينة، وعازمين على الرقي بها إلى حيث تستحق ولتصبح طرابلس عاصمة الرياضة بامتياز، وواعدين بالمزيد من الإنجازات في المواسم المقبلة، انطلاقاً من إيمانهم بأن البقاء في القمة، ليس بأقل صعوبة وتحدياً من الوصول إليها.