حذّر وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، من أنّ هجوماً إسرائيلياً واسعاً على رفح سيزرع “الفوضى” من دون القضاء على حركة حماس، مقرا بأنّ عدد المدنيّين الذين قضوا في الحرب أكثر من عدد القتلى في صفوف الحركة الفلسطينيّة.
وزير الخارجية الأميركي تحدث في مقابلة مع شبكة “إن بي سي نيوز” NBC News، عن الحرب، وانتقد عدم وجود رؤية إسرائيلية لغزة بعد الحرب، قائلا إن واشنطن تعتزم تطوير هذه الخطة، كما أشار إلى أن حماس عادت إلى أجزاء في غزة كانت قد اجتاحتها إسرائيل، وأن هجوم إسرائيلي على رفح لن يقضي على الحركة.
يأتي ذلك فيما أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان عن المخاوف نفسها خلال اتّصال الأحد مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي، بحسب بيان للبيت الأبيض.
وجاء في بيان البيت الأبيض أنّ “ساليفان كرّر مخاوف الرئيس بايدن القديمة بشأن احتمال شنّ عمليّة عسكريّة برّية كبيرة في رفح، إلى حيث لجأ أكثر من مليون شخص”.
وأكّد هنغبي أنّ إسرائيل “تأخذ في الاعتبار مخاوف الولايات المتحدة”، وفق الرئاسة الأميركيّة.
وقد أدّى القصف الإسرائيلي في الأجزاء الشرقيّة من رفح إلى فرار 300 ألف من سكّان غزّة.
وحذّرت الولايات المتحدة ودول أخرى، فضلا عن كبار مسؤولي الأمم المتحدة، من أنّ هجوما شاملا على رفح قد يكون له أثر كارثي على اللاجئين الذين نزحوا إلى هناك بسبب القتال في أماكن أخرى في غزّة، ويعيش كثير منهم في ظروف يائسة.
وقالت إسرائيل إنّها تحاول إبقاء الخسائر في صفوف المدنيّين عند الحدّ الأدنى.
لكن ردا على سؤال لمعرفة إن كانت الولايات المتحدة تعتبر أنّ عدد المدنيّين القتلى في قطاع غزّة أكبر من عدد قتلى حركة حماس، أجاب بلينكن “نعم” في تصريح لمحطة “سي بي إس” التلفزيونيّة الأميركيّة.
ورأى بلينكن أنّ الخطّة الحاليّة التي تدرسها إسرائيل في رفح “قد تلحق أضرارا هائلة في صفوف المدنيين من دون حلّ المشكلة”.
ومضى يقول “سيبقى آلاف العناصر المسلّحين من حماس” حتّى مع حصول هجوم في رفح.
وقال إنّ هجوما إسرائيليا في رفح قد تنجم منه “فوضى” مع احتمال عودة حماس في نهاية المطاف. وأكّد “رأينا حماس تعود إلى مناطق حرّرتها إسرائيل في الشمال حتى في خان يونس” المدينة الجنوبية القريبة من رفح.
وحذّرت الولايات المتحدة علنا من أنها قد تعمد إلى تعليق تسليم بعض أنواع الأسلحة إلى إسرائيل ولا سيما القذائف المدفعية في حال شنت إسرائيل هجوما واسعا على المدينة المكتظة بالسكان والنازحين في أقصى جنوب قطاع غزة، يعارضه الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأضاف بلينكن “ناقشنا معهم طريقة أفضل بكثير للتوصل إلى نتيجة دائمة”.
كما تحدّث بلينكن الأحد مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مشددا مرّة أخرى على أن الولايات المتحدة تُعارض عمليّة برّية إسرائيلية كبيرة في رفح، بحسب وزارة الخارجيّة الأميركيّة.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة ماثيو ميلر في بيان إنّ بلينكن “شدّد على الحاجة الملحّة لحماية المدنيّين وعمّال الإغاثة في غزة حاضًّا الوزير على ضمان وصول المساعدات إلى غزة والمساعدة في مواجهة تحديات التوزيع داخل غزة بينما تُلاحِق إسرائيل أهدافا لحماس”.
ووجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، بعضاً من أقوى انتقادات إدارة الرئيس جو بايدن العلنية حتى الآن لسلوك إسرائيل في الحرب في غزة، قائلاً إن التكتيكات الإسرائيلية تعني “خسارة مروعة في أرواح المدنيين الأبرياء” ولكنها فشلت في تحييد قادة حماس ومقاتليها ويمكن أن تؤدي إلى حركة تمرد دائم.
في مقابلتين تلفزيونيتين، أكد بلينكن أن الولايات المتحدة تعتقد أن القوات الإسرائيلية يجب أن “تخرج من غزة”، ولكنها تنتظر أيضًا رؤية خطط ذات مصداقية من إسرائيل للأمن والحكم في المنطقة بعد الحرب.
قال بلينكن إن حماس عادت إلى الظهور في أجزاء من غزة، وإن “العمل المكثف” الذي تقوم به القوات الإسرائيلية في مدينة رفح الجنوبية يهدد بترك أقرب حليف لأميركا في الشرق الأوسط “يمسك بحقيبة تمرد مستمر”.
وقال إن الولايات المتحدة عملت مع الدول العربية وغيرها لأسابيع على تطوير “خطط ذات مصداقية للأمن والحكم وإعادة البناء” في غزة، لكننا “لم نر ذلك يأتي من إسرائيل.. نحن بحاجة إلى رؤية ذلك أيضًا”.
وقال بلينكن أيضًا إنه مع توغل إسرائيل بشكل أعمق في رفح في الجنوب، حيث تقول إسرائيل إن لحماس أربع كتائب وحيث يتجمع أكثر من مليون مدني، فإن العملية العسكرية قد “تحقق بعض النجاح الأولي” ولكنها تخاطر “بأضرار جسيمة” للسكان من دون حل المشكلة “التي يريد كلانا حلها، وهي التأكد من عدم قدرة حماس على حكم غزة مرة أخرى”.
وقال إن سلوك إسرائيل في الحرب قد وضع البلاد “على المسار المحتمل لترث تمرداً مع بقاء العديد من مسلحي حماس، أو، إذا انسحبت، فراغاً مليئاً بالفوضى، وربما تملأه حماس من جديد. لقد تحدثنا معهم عن طريقة أفضل بكثير للحصول على نتيجة دائمة وأمن دائم”.
“انتهاك القانون الإنساني الدولي”
وكرر بلينكن – للمرة الأولى علانية من قبل مسؤول أميركي- نتائج تقرير جديد أحالته إدارة بايدن إلى الكونغرس يوم الجمعة، والذي خلص إلى أن استخدام إسرائيل للأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة في غزة ينتهك على الأرجح القانون الإنساني الدولي.
وقال التقرير أيضا إن ظروف الحرب حالت دون تمكن المسؤولين الأميركيين من تحديد ذلك بشكل مؤكد في غارات جوية بعينها. قال بلينكن “عندما يتعلق الأمر باستخدام الأسلحة، والمخاوف بشأن وقائع بالنظر إلى مجمل الأضرار التي لحقت بالأطفال والنساء والرجال (خلالها)، كان من المنطقي تقدير أن إسرائيل تصرفت في بعض الحالات، بطرق لا تتفق مع القانون الإنساني الدولي”.
واستشهد بلينكن بـ”الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين الأبرياء”.
وأثار مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، في اتصال هاتفي يوم الأحد مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي، المخاوف بشأن عملية عسكرية برية في رفح، وناقشا “مسارات العمل البديلة” التي من شأنها ضمان هزيمة حماس “في كل مكان في غزة”، بحسب ما جاء في بيان.
وقال البيت الأبيض إن هنغبي أكد في ملخص البيت الأبيض للمحادثة أن إسرائيل تأخذ المخاوف الأميركية في الاعتبار.
واندلعت الحرب بعد مهاجمة حركة حماس جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل حوالي ألف ومائتي شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز مائتين وخمسين آخرين رهائن.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من خمسة وثلاثين ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
المصدر: العربية