المحامية ميرفت ملحم – لبنان 24
استنفار سياسي واسع وهجوم طال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على خلفية حزمة المليار يورو التي أُقرت للبنان من الاتحاد الاوروبي. والمفارقة ان اغلب المستنفرين كانوا شركاء اساسيين في الحكومات السابقة ولم يتوصلوا حينها الى اي حل جذري يعيد النازحين الى بلادهم، لا بل على العكس فقد قدم بعضهم طروحات تحمل في طياتها تشجيعا صريحا لبقاء النازحين السوريين. الا ان خطأ ميقاتي ربما انه طرح ملف النازحين على خط المعالجة الصحيحة، وهذا ما لا يتناسب مع المعطلين والعاطلين عن العمل السياسي والدستوري فوجدوا فيه عنوانا دسماً وفرصة للاستغلال السياسي الرخيص لالهاء الرأي العام اللبناني وشد عصبه وانظاره عن تراخيهم والعقم السياسي الذي اوقعوا البلد فيه.
وبالوقائع، في العام 2016 في كلمة لرئيس الحكومة تمام سلام بمناسبة اطلاق “خطة لبنان للاستجابة للازمة السورية”، اشار الى انه توجه الى اجتماع”مجموعة الدعم الدولية للبنان” الذي انعقد في نيويورك بدعوة الى مساعدة لبنان كي يساعد نفسه من خلال تقديم مساعدات مالية مخصصة لاهداف تنموية ولمشاريع البنى التحتية لتحفيز النمو وخلق فرص عمل.ايضا في تصريح سابق لرئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري في بروكسل في العام 2017 جاء فيه ” نحن لا نريد اتخاذ قرارات كما فعلت بلدان أخرى فتحت ابوابها وتركت السورييون يذهبون الى اوروبا” مشيراً الى ان ما هو مطلوب من المجتمع الدولي تقديم المساعدات المالية للاستثمار في لبنان فيتقاسم المجتمع الدولي يذلك عبء اللاجئين”.بالطبع هذه السياسة استمرت مع الحكومات السابقة دون تعديل جوهري الا ان خطة ” Steps” التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في العام 2016 والتي قاربتها ورقة النوايا المقدمة من قبل الدولة اللبنانية الى مؤتمر لندن، كانت الطرح الاكثر نفوراً والاكثر تشجيعا للسوريين على البقاء في لبنان وللتذكير بهذه الورقة فهي تقوم على خلق فرص عمل للبنانيين والسوريين في القطاعات المسموح للسوريين العمل فيها كالزراعة والبناء ودعم اللبنانيين المستضيفين للسوريين للقيام بمشاريع انتاجية يتم من خلالها انشاء صندوق خاص يوظف سوريين ولبنانيين في هذه المشاريع على ان يكون للسوريين اختياريا العمل في هذه المشاريع ضمن مدة معينة يعودون بعدها الى بلادهم مع عائدات من اموالهم.
اضف الى ذلك تناسى اصحاب العراضات الداعية الى الضغط على الاتحاد الاوروبي وفتح الحدود امام هجرة النازحين بانه سيكون عرضة للاصطدام بالاتفاق الذي توصل اليه الاتحاد الاوروبي بشأن اصلاح نظام الهجرة واللجوء والذي تضمن بنودا واضحة تقوم على تعزيز المشاركة بين دول الاتحاد لحماية الحدود واتخاذ خطوات في مواجهة اي خرق للحدود،هذا عدا عن ان اي خطوة بهذا الاتجاه قد تنذر بالتهديد باقفال الخطوط الاقتصادية مع تلك الدول. كما حصل مع تركيا على خلفية تهديد اردوغان بفتح الحدود امام النازحين السوريين .كما تناست ايضا ان سعي ميقاتي لايجاد منفذ للبنانيين العاطلين عن العمل للهجرة للعمل الموسمي الذي لطالما غامر البعض منهم في حياته عبر قوارب الموت بحثا عن لقمة العيش في الخارج، ليس الا خطوة يقوم بها ميقاتي في اطار لملمة ما امكن من مآثر سياستهم الرشيدة عبر مدار عقود التي كان لها الفضل الاكبر في هجرة الطاقات الشابة الى الخارج نتيجة انصرافهم في المناكفات وحشد طاقاتهم لزيادة عديد كتلهم في البرلمان عوضا عن وضع خطط اصلاحية تنموية تستوعب تلك الطاقات. ربما كان الاجدى بهم تفعيل حسهم الوطني لانتخاب رئيس للجمهورية والعمل على احياء المؤسسات وخلق فرص للاستثمار والعمل بدلا من صرف طاقاتهم بالكيل لميقاتي الذي يبدو انه مستمر في ازعاجهم عبر معالجة ما امكن من ملفات عالقة واضعا الجميع امام مسؤولياتهم.