يتعامل “حزب الله” بإيجابية كبيرة مع المبعوثين الاممين ومع الوسطاء الفرنسيين الذين يصلون الى لبنان بهدف عقد لقاءات مع قيادييه للوصول الى تسوية او مسودة تسوية مرتبطة بمرحلة ما بعد الحرب والمعارك المندلعة في الجنوب، ومن هنا خرجت الى الضوء المسودة الفرنسية التي يتم التداول فيها حاليا، لكن، إلى جانب كل ذلك يبدو أن “حزب الله” لا يتعامل بجدية مع كل ما يحكى وهو يرفض بشكل كامل أي تغيير في الواقع الميداني عند الحدود على اعتبار ان ما لم تحصل عليه اسرائيل بالحرب لن تحصل عليه بالمفاوضات.
ويعتبر “حزب الله” أنه قادر بشكل كامل على ترتيب الوضع الحدودي كما يريد خلال فترة السلم وفرض أمر واقع لا يمكن لأحد تغييره معتمداً على قدرته الردعية في وجه اسرائيل وعندها يمكنه التفاوض بشكل هادئ مع كل القوى المعنية، وتحديداً مع الولايات المتحدة الاميركية التي ينظر إليها بوصفها المقرر الأساسي في ما يحصل، وان كل المبادرات الاوروبية والاممية ليست مهمة عند الوصول الى لحظة الحسم، وعليه فإن التواصل غير المباشر مع واشنطن سيكون سمة المرحلة المقبلة.
عدم الارتياح الذي ظهر للورقة الفرنسية، يسير بالتوازي مع المفاوضات الحاصلة بين حركة “حماس” وإسرائيل بوساطة مصرية، اذ ان الضغوط الاميركية فرضت على حكومة نتنياهو تأجيل معركة رفح التي أعدت لها عدتها منعاً لإنهيار المفاوضات وإعطاءً للفرصة للجهود التي تبذل والتي ستكثف في الايام المقبلة، خصوصاً أن حماس ترفض بشكل قاطع اي تسوية لا تؤمن لها فكرة وقف الحرب بشكل كامل وصريح، وتعيد السكان نهائياً إلى شمال قطاع غزة من دون شروط.
وبحسب مصادر مطلعة فإن إدخال المساعدات بشكل مكثف الى غزة، وتحديداً إلى شمال القطاع هو مبادرة اميركية لتخفيف النقمة الشعبية العالمية اولاً ولإعطاء إشارات حسن نية لحماس في ظل التفاوض الحاصل، لكن المشكلة الاساسية هي ان واشنطن لم تستطع حتى الآن فرض وقف اطلاق نار على حكومة نتنياهو مما يعقد المشهد الميداني ويجعل من اي خطوة عسكرية الى الامام في غزة قادرة على اعادة المنطقة مجدداً الى اقصى درجات التوتر العسكري.
وترى المصارد ان التصعيد الذي حصل اول من امس من العراق حيث استهدفت الفصائل العراقية اهدافا اسرائيلية في تل ابيب بحسب ما اعلنت، يوحي بأن هناك رسالة يريد المحور المتحالف مع حماس ايصالها وتقول بأن أي دخول عسكري الى رفح قد يشعل المنطقة من جديد وهذا ما ترافق مع تصريحات تصعيدية من اليمنيين الذي أعلنوا انهم سيوسعهون دائرة استهدافاتهم البحرية ضد اي سفينة تتجه إلى إسرائيل حتى من البحر المتوسط.
كل ذلك يوحي بأن الايام المقبلة ستكون مصيرية بالنسبة لواقع المنطقة، فإم التسوية التي لا تزال تبدو صعبة المنال او الاشتباك طويل الامد والتصعيد على اكثر من جبهة، خصوصا ان الرؤية السياسية لاسرائيل لمرحلة ما بعد الحرب غير موجودة ما يعني ان الجهد العسكري لا يمكن “استثماره” في اي مكان خلال المرحلة الحالية، لذا فالحرب تبقى افضل الخيارات بالنسبة للحكومة الاسرائيلي ورئيسها.
المصدر: خاص “لبنان 24”