أعاد التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران الأخيرة إلى التركيز على برنامجها النووي، مقابل التراجع عن سياسة ضبط النفس المعهودة، عبر استئناف العمل في الجوانب الفنية لصنع قنبلة ذرية، وتعزيز قدرات الردع.
ومنذ عودتها إلى محاولة دخول النادي النووي العالمي، عبر تنشيط برنامجها الذري، وإيران في مواجهة سياسية واقتصادية مفتوحة مع القوى العالمية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة، وضعت بموجبها تحت ضغوط أوصلت قادتها لخلاصة أن تكاليف بناء قنبلة نووية تفوق الفوائد، وباعتبارها قوة عسكرية كبيرة ذات قدرات نووية في متناول اليد، فهي تحظى بقوة ردع كافية تجنبها مخاطر اندلاع حرب، إذا استمرت في تطوير مفاعلاتها النووية.
لكن، وعقب معركة الأجواء المفتوحة المحدودة مع إسرائيل، أدلى كبار المسؤولين الإيرانيين بسلسلة تصريحات كشفت عن تطورات غير مسبوقة في برنامج طهران النووي، تقترب من إتقان الجوانب الفنية لصنع قنبلة نووية، محذرين، بالتخلي عن ضبط النفس، إذا استهدفت إسرائيل أياً من منشآتهم النووية.
ويقول كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي راز زيمت لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن “التصعيد بين إيران وإسرائيل قد يعزز دعوات التسلح الإيرانية، وفي حين أن مخاطر مثل هذه الخطوة لا تزال تفوق المزايا، فمن المرجح أن تعيد القيادة في طهران النظر في نهجها النووي أكثر من ذي قبل”.
ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، لكنها تنتهج سياسة عدم تأكيد أو نفي وجودها على الإطلاق.
قواعد اشتباك جديدة
وقبل الضربات المباشرة المتبادلة هذا الشهر، كانت إيران تواجه إسرائيل، في المقام الأول عبر شبكة وكلاء إقليميين، لكن التصعيد، رسخ قواعد اشتباك جديدة.
ويضيف زيمت أن فشل إيران في إلحاق ضرر بالمواقع العسكرية الإسرائيلية، وتحديات السيطرة المطلقة على شبكة وكلائها وتشغيلها، أمران قد يدفعانها نحو السعي إلى الحصول على رادع أكثر قوة، وبالتحديد قنبلة نووية.
وقد غذى المسؤولون الإيرانيون مثل هذا التفكير بنمط من الإشارات إلى قدرات بلادهم شبه النووية. وفي مقابلة أذيعت في شباط، قال نائب الرئيس الإيراني السابق علي أكبر صالحي، إن إيران تجاوزت “جميع عتبات العلوم والتكنولوجيا النووية”، وهي التعليقات التي رددها لاحقاً الرئيس الحالي للوكالة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي.
ورجحت أجهزة المخابرات الأميركية في شهر آذار الماضي، عدم استئناف إيران برنامجها النووي، ومع ذلك، فقد تقدمت البلاد على عدة جبهات ضرورية لتطوير قنبلة نووية، بما في ذلك من خلال الدراسات والأنشطة المدنية.
وأكد رئيس معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد أولبرايت، أن الأمر سيستغرق 6 أشهر فقط، حتى تتمكن إيران من تصنيع عدد قليل من القنابل النووية الأساسية.
وكشفت التقارير الأخيرة أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تضعها على عتبة الوصول لسلاح نووي، عبر معالجتها بشكل أكبر في غضون أيام لتحصل في النهاية على 3 أسلحة نووية.
سرية
وتحيط السرية بالبرنامج النووي الإيراني، بعدما أنهت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مراقبتها لبعض مواقع تخصيب اليورانيوم المعروفة، التي كانت تتم في السابق بموجب الاتفاق النووي.
وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فقدان الرؤية قد يجعل من المستحيل معرفة عدد أجهزة الطرد المركزي، التي تمتلكها إيران، وهو ما قد يساعدها في تطوير برنامج سري للتخصيب.
ولطالما حذرت أميركا وإسرائيل إيران من عواقب محاولة صنع قنبلة نووية. وفي السياق، تعهد رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بمنع طهران من إنتاج أسلحة نووية، فيما قال مسؤولون إسرائيليون إنهم سيتحركون عسكرياً لردع طهران.
ومن المرجح أن يؤدي تطوير إيران للأسلحة النووية الأساسية – أو حتى تقديم دليل على إجراء تجربة نووية ناجحة تحت الأرض – إلى التعجيل بأزمة دولية. (24)