قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في رسالة إلى الكونغرس صدرت، الجمعة، إن وزارة الخارجية عثرت على أدلة تشير إلى أن ثلاث وحدات من الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان، لكنها تؤجل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستحجب المساعدات العسكرية لإحدى الكتائب، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ضغوط على إدارة بايدن؟
يسلط إخطار بلينكن الضوء على الخط الرفيع الذي تسير عليه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطا لاتخاذ إجراءات ضد أقرب حليف لها في الشرق الأوسط بموجب قانون أميركي اسمه “قانون ليهي”، والذي يحظر مساعدة قوات الأمن الأجنبية التي يثبت ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقد دعا مسؤولو البيت الأبيض مرارا وتكرارا إسرائيل إلى تغيير سلوكها في الحرب التي تشنها في غزة وحماية المدنيين الذين لجؤوا إلى مدينة رفح حيث تلوح في الأفق عملية للجيش الإسرائيلي.
لكن البيت الأبيض رفض حتى الآن دعوات جماعات حقوق الإنسان وبعض الديمقراطيين لوقف المساعدات العسكرية.
ولم تذكر رسالة بلينكن اسم الكتيبة التي تواجه قطع المساعدات، لكن مسؤولا أميركيا قال إنها وحدة مكونة من 500 رجل تتألف جزئيا من جنود متشددين وتسمى “نيتسح يهودا”، حسب “وول ستريت جورنال”.
وقال بلينكن في رسالته الموجهة إلى رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، إن وحدتين أخريين في الجيش الإسرائيلي “متورطتين بشكل موثوق” في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان” ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقد “خضعتا لمعالجة فعالة” ونتيجة لذلك “ستستمران” في تلقي المساعدات الأميركية.
وحذر جونسون وغيره من الجمهوريين البيت الأبيض من فرض عقوبات على إسرائيل في نفس الوقت الذي تقاتل فيه قواتها حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأكد بلينكن لجونسون أن أي عقوبات “لن يكون لها أي تأثير على قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد حماس أو إيران أو حزب الله أو أي تهديدات أخرى”.
وجاء في الرسالة أن الاتهامات ضد ثلاث وحدات عسكرية تسبق بداية الحرب في غزة في أكتوبر الماضي.
وأضافت أن كيانين مدنيين إسرائيليين آخرين متورطين أيضا في انتهاكات حقوق الإنسان سيستمران في تلقي المساعدات الأميركية أيضا.
وأشار بلينكن إلى أن إسرائيل اعترفت بأن الوحدة “شاركت في سلوك لا يتوافق” مع قواعدها العسكرية وتم نقلها من الضفة الغربية إلى مرتفعات الجولان في عام 2022.
وقالت الرسالة إن إسرائيل قدمت للولايات المتحدة معلومات جديدة حول الوحدة.
جدل داخل إسرائيل
أنشئت وحدة “نيتسح يهودا”، في عام 1999، لاستيعاب المعتقدات الدينية لليهود المتزمتين والمجندين القوميين المتدينين في الجيش، وفق وكالة “رويترز”.
وتأسست الوحدة لتشجيع الشباب من اليهود المتشددين أو “الحريديم” على الانضمام إلى الجيش بعد ضمان أنهم سيخدمون بما يتماشى مع معتقداتهم المتعلقة بالطعام ومشاركة النساء في الخدمة العسكرية والصلاة ودراسة التوراة.
ولوحدة “نيتسح يهودا” الأرثوذكسية المتطرفة الإسرائيلية، والتي من المرجح أن تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة، تاريخ طويل من التجاوزات والإفلات من العقاب، وفق وكالة “فرانس برس”.
وحققت “نيتسح يهودا” أعلى معدل إدانة من أي وحدة في الجيش الإسرائيلي بسبب جرائم ضد الفلسطينيين منذ عام 2010، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “يش دين”.
وقد أدين جنودها باستخدام الصعق بالكهرباء لتعذيب المعتقلين الفلسطينيين وتم تأديبهم بعد وفاة رجل فلسطيني أميركي مسن خلال احتجازهم إياه.
ودعت الولايات المتحدة إلى إجراء تحقيق جنائي بعد اتهام جنود من “نيتسح يهودا” بالتورط في وفاة الأميركي الفلسطيني عمر أسعد (78 عاما) الذي توفي بنوبة قلبية، عام 2022، بعد اعتقاله والعثور عليه لاحقا في موقع بناء.
وحينها، بقي أسعد مكمما ومعصوب العينين ومقيد اليدين وملقى على الأرض لأكثر من ساعة في ليلة شتوية شديدة البرودة.
ويطالب المشرعون الإسرائيليون وضباط الجيش السابقون بشكل متزايد بـ”حل الوحدة”، حيث خدمت الكتيبة في الضفة الغربية، حيث تتصاعد المواجهات مع الفلسطينيين خلال الصراع المتصاعد.
وتركز انتشار الوحدة حتى عام 2022 في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وحيث يعيش نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي بين ثلاثة ملايين فلسطيني.