تتعالى الأصوات الدولية التي تحذر من “هجوم” متوقع على مدينة الفاشر في إقليم دارفور في السودان الذي يشهد حربا منذ أكثر من عام.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها، ماثيو ميلر، في بيان “جميع القوات المسلحة السودانية إلى الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور”.
وأضاف أن واشنطن تشعر “بقلق كبير إزاء التقارير الموثوقة عن قيام قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها بتدمير قرى عدة عن بكرة أبيها غرب الفاشر”، ودان عمليات القصف الجوي العشوائي التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في المنطقة والقيود التي تواصل فرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أعرب في تصريحاته عن قلقه من هجوم وشيك محتمل على الفاشر.
منذ عام، تدور حرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ما أغرق البلاد في أزمة إنسانية خطيرة.
وخلال عام واحد، أدت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
مدينة الفاشر السودانية.. “التخلي عن الحياد”
وتعد الفاشر مركزا إنسانيا لإقليم دارفور حيث يعيش حوالي ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة. ومع استضافتها الكثير من النازحين، ظلت المدينة بمنأى نسبيا عن القتال بحسب فرانس برس.
وإقليم دارفور في المنطقة الغربية من السودان، تعادل مساحته مساحة فرنسا.
وتعرض الإقليم بالفعل للدمار قبل نحو من 20 عاما بسبب سياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها ميليشيات “الجنجويد” التي أدمج أعضاؤها في قوات الدعم السريع في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس التي لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع، كانت قد دمرتها حرب أهلية حصدت مئات الآلاف من الضحايا والتي بدأت في 2003.
يضم سكان الفاشر ما يقدر بنحو نصف مليون شخص نزحوا خلال هذا الصراع السابق، ونزح نحو نصف مليون شخص إضافي إلى المدينة خلال الحرب التي اندلعت قبل عام.
تتمركز في الفاشر الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 في جوبا مع الحكومة المدنية الانتقالية التي تولت السلطة عقب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير.
وأبرز المجموعات تلك التابعة لكل من حاكم إقليم دارفور مني مناوي ووزير المالية جبريل إبراهيم. وقد منع وجودها قوات الدعم السريع من شن هجومها على المدينة، خصوصا بعد “مفاوضات غير رسمية” بين قوات دقلو وهذه الحركات، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
ونتيجة تدهور الأوضاع في عاصمة ولاية شمال دارفور، أعلنت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا في بيان منتصف أبريل أن “لا حياد بعد الآن”، مؤكدة أنها “ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد ميليشيات الدعم السريع وأعوانها من المأجورين”.
ويقول سكان ووكالات إغاثة ومحللون لوكالة رويترز إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي مركز تاريخي للسلطة، قد يطول أمده ويؤجج التوترات العرقية التي ظهرت في الصراع الذي دارت رحاه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة ويمتد عبر حدود السودان مع تشاد.