أكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل في مقابلة مع “النهار”، أن “لبنان لا يمكن أن يُبنى في ظل وجود السلاح”، مشيرًا إلى “ضرورة أن تعود بيئة الحزب إلى دعم الدولة والعمل ضمن إطارها”، داعيًا إلى “إعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس قوية لضمان الاستقرار”.
وشدد على “أننا نعمل مع المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان وفتح صفحة جديدة مشرقة في تاريخه”، موضحًا أن “لقاءاته في باريس تتركّز على ضرورة وقف الحرب والدمار وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني“. وجزم ب”ألّا إمكانية لبناء دولة بوجود ميليشيات والدولة لا تتعايش مع الميليشيا وعلى اللبنانيين أن يتخذوا قرارهم إما الدولة وإما الميليشيات”.
ولفت الى ان “إيران تغتصب سيادة لبنان منذ أكثر من 30 سنة من خلال حزب الله وهذا الاغتصاب يجب أن يتوقف”، لافتًا إلى أن “سيادة لبنان مغتصبة من قبل ميليشيا مسلّحة وبالتالي لسنا مضطرين للتبرير لماذا نريد تطبيق الدستور اللبناني”.
وقال: “لا قناعة لديّ بانتخاب رئيس في ظل الحرب فـحزب الله سيمنع انتخابه”.
ودعا أبناء الطائفة الشيعية “لأن يدركوا أنّ السلاح ورّطهم ودمّرهم وجعلهم وقوداً استخدمته ايران من أجل تحقيق مآرب لها”، مؤكدًا أن “من يحمي اللبنانيين هو الجيش والمؤسسات الشرعية”.
واعتبر أن “الحلول واضحة لكن شرط الاستعداد لدى القوى اللبنانية بأن تتولى الدولة مسؤولية التفاوض”، مشيرًا إلى أن “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أخذ موقفًا بوقف الحرب لكن قدرته على تنفيذ الموقف غير موجودة”.
وأشار إلى “أننا سنكتشف سياسة إدارة ترامب للملف اللبناني مع الوقت، فمعروف عنه أنه شخص لا أحد يتوقع خطواته وبالتالي لا أحد يمكن أن يعرف سياسته، لكن علينا أن نقوم بمصلحة بلدنا ولكي لا تحصل أي تسوية على حساب لبنان لأننا الحلقة الضعيفة وسنعمل ليكون لبنان ممثلًا بالمفاوضات”.
الحوار كاملًا
ولفت رئيس الكتائب الى ان “الكتائب في المكان الذي يجب أن تكون فيه، وهي حريصة على لبنان وتعمل مع المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان ولوقف الحرب والدمار والقتل ولفتح صفحة جديدة مشرقة لا تتكرّر فيها أخطاء الماضي”.
ودعا الجميّل في حديث عبر ” النهار” لفتح صفحة جديدة مشرقة تعطي الأمل للبنانيين بالأمل والازدهار وبمؤسسات تعمل وبسيادة كاملة وإشراك جميع اللبنانيين بالنهوض بالبلد، وتكون هذه الكارثة حافزًا للجميع لنستوعب أن فقط الدولة القوية الحرّة السيّدة المستقلّة وفيها شراكة حقيقية تبني مستقبلًا أفضل لكل اللبنانيين مجتمعين”.
وقال: “ما من وعود فالجميع يبحث عن حلول وتركيزنا في كل اللقاءات على معادلة واضحة تتمثل بضرورة وقف الحرب والدمار ليعود اللبنانيون إلى قراهم وما تبقى من بيوت ويعيدوا بناء بيوتهم وأن يكون انتهاء الحرب بداية لدولة سيّدة فيها حصرية كاملة للجيش اللبناني وألا يعود هناك أي قوى مسلّحة تحت أي حجة ليكون هناك مساواة حقيقية ولنبني دولة بمستوى طموحاتنا”.
وعن اللقاءات التي يعقدها في الخارج أوضح ان “هناك الكثير من الأفكار للوصول الى نتيجة مرضية لنا ولكل اللبنانيين ولا نقدّم حلًا على حساب أحد بل يريّح جميع اللبنانيين”.
وأضاف: “اجتماعاتنا نعقدها مع كل المسؤولين في فرنسا وبعدها سأزور واشنطن وجميع اللقاءات تركز على محاولة مساعدة المجتمع الدولي لإيجاد حلول قابلة للتحقيق لأن الأولوية لإنقاذ لبنان، فلا وقت للمزايدات والعراضة بل وقت للعمل والتفكير وحلول قابلة للتنفيذ لوقف المجزرة وليعود النازحون إلى بيوتهم ونبني دولتنا على أسس جديدة مختلفة عن الأسس التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه اليوم”.
وعن نزح سلاح حزب الله، أكد أنّ “ما من إمكانية لبناء دولة بوجود ميليشيات وعلى اللبنانيين اتخاذ القرار إما الدولة وإما الميليشيات خصوصًا أن ارتباطات الميليشيات خارجية وأجنداتها خارجية وأي حل يجب أن يمر حتمًا بتسليم جميع السلاح للدولة اللبنانية وهذا الأمر لا مفر منه وما من حجة تبرر بقاء أي سلاح”.
وأضاف: “البعض يبرر بقاء السلاح ويتذرع بالحجج لبقائه وأنه مقدس، لكن ايران تغتصب سيادة لبنان منذ أكثر من 30 سنة من خلال حزب الله ويجب أن يتوقف هذا الاغتصاب ولسنا مضطرين لشرح لماذا يجب تطبيق الدستور وسيادة الدولة وحصرية السلاح بيد الجيش فهذا الأمر غير قابل للتبرير”.
وتابع: “كل المبررات ساقطة أمام تطبيق الدستور ولا يمكن أن يبنى لبنان بوجود السلاح وعلى الجميع أن يفهم خصوصًا أبناء الطائفة الشيعية أن السلاح ليس لخدمتهم ولا لحمايتهم بل ورّطهم ودمّرهم وجعلهم وقودًا استعملتها ايران لتحقيق مآرب لها ومن يحمينا هو الجيش والمؤسسات والدولة وباقي اللبنانيين فهم الذين احتضنوا النازحين ولا يمكن للسلاح أن يحميهم ويحمي لبنان أو أن يحصلوا على أي امتياز، فهذا السلاح يدمّر فقط ولهذا يجب أن نتعلّم من هذه التجربة وننتقل إلى تجربة جديدة”.
وشدد رئيس الكتائب على انه “لطالما ناديت بحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني وهذه قناعات حزب الكتائب منذ 90 سنة، فنحن دائما نقول لا يبنى لبنان بوجود الميليشيات من هنا لا يمكن ربط هذا الموقف بما يحصل اليوم مع إسرائيل”.
واعتبر أن “من يطالب بالحق والمساواة والعدل وتطبيق الدستور يكون ملتزمًا بالوفاء لبلده، أما من يطالب ببقاء منظومة مسلّحة تابعة للخارج فهو الذي يطعن لبنان بظهره والذي ورّط البلد بهذه المصيبة التي وقعنا فيها أدنى شيء أن يتواضع أمام معاناة النازحين والشهداء وبالعكس يجب أن يكون مستعدًا للبحث في كيفية حماية لبنان لأن ما تقدم فشل في حماية لبنان لا بل دمّره.”
وعمّا إذا كان يعوّل على الإدارة الأميركية الجديدة قال: “لم نعوّل على أحد يومًا، بل نتعاطى مع الموجود انطلاقا من ثوابت واضحة، قوامها لبنان سيّد حرّ مستقلّ ومحميّ من أي اعتداء من إسرائيل أو سوريا أو من الدخل، وانطلاقا من مبدأ الشراكة وممنوع إقصاء أحد وممنوع أن تدفع الطائفة الشيعية ثمن ما ارتكبه حزب الله في السياسة فهي رهينة الحزب منذ 40 سنة”.
وردا على سؤال، شدد على انه يجب عدم الذهاب بمنطق إنتقامي او إقصائي او إلغائي بل بمنطق إشراك فنحن نعتبر أن هناك يدًا خارجية تحرك حزب الله ولو ترك المنطق اللبناني يقرّر لكانت الحرب توقفت وحمينا لبنان لكن الأجندة الايرانية متحكمة بمسار الأمور بجنوب لبنان ويمنع التوصل الى نتيجة”.
ورأى أن الحلول واضحة لكن شرط الاستعداد لدى القوى اللبنانية بأن تتولى الدولة مسؤولية التفاوض، فميقاتي أخذ موقفًا بوقف الحرب لكن قدرته على تنفيذ الموقف غير موجودة”.
وقال: “سنكتشف سياسة إدارة ترامب للملف اللبناني مع الوقت فمعروف عنه أنه شخص لا أحد يتوقع خطواته وبالتالي لا أحد يمكن ان يعرف سياسته لكن علينا ان نقوم بمصلحة بلدنا، ولكي لا تحصل أي تسوية على حساب لبنان لأننا الحلقة الضعيفة وسنعمل ليكون لبنان ممثلًا بالمفاوضات”.
وعن تنسيق الجولة الخارجية مع المعارضة، أجاب: “أي تحرك أقوم به باسم الحزب والكتائب لم تبخل يومًا بالتضحية من اجل لبنان وكذلك أنا أقوم بالتنسيق اليومي مع أطراف المعارضة وكل منا يقوم بدوره بنفس الاتجاه لحماية لبنان ووقف الكارثة التي يتخبط فيها البلد”.
وقال:”لا قناعة لدي لانتخاب رئيس بظل الحرب فحزب الله لن يتخلى عن ورقة اساسية بين يديه في وقت ان مصيره على المحك وإلا يضعف موقعه التفاوضي”.
وأضاف: “حزب الله وبري يمنعان انتخاب رئيس وبري غير قادر على القيام بأي خطوة إن كان الحزب لا يريدها”.
وأوضح ان “الموضوع اليوم ليس داخليًا فهناك حرب بين إسرائيل وايران على أرض لبنان، ولبنان مخطوف من ميليشيا مسلحة اسمها حزب الله وهو يخوض معركة صعبة وتضعف إمكانياته ولكنه موجود ولا يجب أن يشكك أحد بهذا الموضوع فلا تزال لديه القدرة على التخريب ولا علاقة للمعارضة بالتقصير، فهناك قوتان عسكريتان تتواجهان بمعركة عنيفة والحرب تحصل على أرض لبنان وهو رهينة، ودورنا يحين عندما تقف الحرب ويأتي دور إعادة بناء لبنان، فاليوم لا إمكانية لدينا بوقف الحرب إلا بما نقوم به في الخارج بإعطاء أفكار لمن لديهم القدرة للتأثير على إسرائيل وإيران”.
ولفت رئيس الكتائب الى ان “المصيبة الكبرى أننا قرّرنا تسليم بلدنا لإيران عبر حزب الله وهذا ما تحذر الكتائب منه ولذلك رفضت أي تسوية مع الحزب وخصوصًا التسوية الرئاسية في 2016 وانتخاب مرشحه لأننا كنا نعرف أن هذا سيقوي نفوذ إيران وسيجعل لبنان رهينة وهذا ما ندفع ثمنه اليوم”.
وأضاف: “المشكلة أن لبنان تحت سيطرة سلاح حزب الله والطريقة الوحيدة التي نرفضها هي الحرب الأهلية، من هنا يجب الضغط على إيران وإسرائيل وجلب مساعدة كل الدول المؤثرة لوقف إطلاق النار وتطبيق القرارات الدولية والدستور للدخول في مسار لإعادة بناء الدولة وهنا يأتي دورنا ولن نقصّر في لعبه”.
واشار الى انه “عند وجود مليون ونصف مليون نازح يختلطون بمجتمعات أخرى وكمّ من السلاح لا يحتاج الأمر إلى محلل ليتخوف من كوارث كبيرة، من هنا انا حرص على وقف الحرب بأسرع وقت ممكن ولكن ليس بأي ثمن”.
وردا على سؤال، قال: ” لا أخاف من حرب أهلية لكن قد تتسبّب إطالة الأزمة بأحداث خطيرة وتذهب إلى أماكن يجب عدم الذهاب إليها، ونحن نقوم بكل ما يمكن لمساعدة النازحين لكننا نتعاطى مع أشرار وغرف أمنية شريرة قد تفتعل مشاكل لتشعل الداخل اللبناني لذلك يجب الحذر والتعاطي بمسؤولية”.
اضاف: “لا وقت للمزايدات والعنتريات بل الشجاعة للتعاطي بحكمة كبرى كما تعاطت الكتائب بحكمة وحاولت تجنيب البلد أي مشاكل، ولسنا أبناء الأمس ولسنا حزبًا عابرًا فعلينا مسؤولية كبرى ويجب التعاطي بحكمة حفاظًا على لبنان ولكي لا تسقط نقطة دم ولوقف الحرب المدمرة التي تقوم بها إسرائيل”.
وشدد على ان “ثقتنا بالجيش كاملة ونتواصل معه بشكل يومي ليأخذ على عاتقه أي تجاوز، وقيادة الجيش ومخابراته متجاوبتان وهذا مهم في هذا الظرف وهذا موضوع بنيوي ان يكون الجيش متماسكًا”.
وعن تأييد التمديد لقائد الجيش، اوضح: “نحن مع انتخاب رئيس ولكن إن كان غير متاح فهل نذهب الى فراغ في قيادة الجيش؟ واضح أن القائد يلعب دوره بشكل ممتاز ولدينا ثقة كبيرة به وعند انتخاب رئيس يجب أن يُعيّن قائد جديد للجيش، ولكن طالما كل شيء واقف فأخطر أمر هو حصول فراغ في قيادة الجيش”.
وعن طرح اسم العماد جوزيف عون في فرنسا، أكد “اننا لم نتحدث بهذا الموضوع لأن لا حلول جزئية برأيي فهي غير قابلة للإنجاز ولا بد من التفكير أبعد من الرئاسة”.
وأضاف: “الموضوع أكبر من الرئيس فهو يتعلق باستعادة السيادة وإنتاج طريقة حكم جديدة واستعداد اللبنانيين لطي الصفحة وفتح صفحة جديدة، وهذه الأمور أكبر من مشكلة الرئاسة فالرئيس غير قادر وحده على حل كل المشاكل وحزب الله لن يقبل بانتخاب رئيس تحت القصف، وهذه قناعة لديّ ولا بد من التفكير بطريقة معمقة”.
وتابع: “أي خارطة طريق للخروج من الكارثة تتطلب موافقة اسرائيل وايران واسرائيل تريد ألا تكون مهددة من لبنان من الآن وحتى 100 عام مقبلة وتقوم بعملية تدمير ممنهجة، وكمية الدمار بالجنوب لم نرها سابقا وهي غير مستعدة للتراجع وايران غير مستعدة للتخلي عن ذراعها العسكري في لبنان هو سلاح الدفاع عنها في حال تعرضت للضغط، وهذه المصيبة التي لا يمكننا الخروج منها إلا بالضغط على ايران لأنه لا يحق لها بتوريط لبنان وبأن يدفع وشبعه ثمن أمن إيران”.
وقال: “نحن غير مستعدين للدمار والكوارث وأن تدمر قرانا ويقتل شعبنا من أجل ان تحافظ إيران على أوراقها فلا يمكن ان نموت نحن وهي تتفرج وأنا لا أفهم كيف يقبل شباب حزب الله بذلك، فهذه استراتيجية إيران والحزب وحده يدفع الثمن وهي وعدت بالدفاع بفتح الجبهات فأين هي؟ فهل حمت المقاومة بإطلاق صاروخين أصابا دجاجا وبقرا”؟
واضاف: “أعتقد انه لا بد من انتفاضة من حزب الله على إيران والسؤال: ألا نريد الحفاظ على بلدنا وقرانا وبيوتنا؟ هناك من يستغلهم وكلما أرادوا القيام بشيء يأتي احدهم من إيران ويورطهم بمزيد من القتل والدمار؟ ألا يرون سوريا التي لا تفتح جبهتها ومثلها العراق فمن هم منتسبون لحزب الله تركوا لوحدهم والبلد الوحيد الذي يدمّر بعد غزة هو لبنان”.
ورأى ان “بري لا مونة له على حزب الله وتكليفه بالتفاوض للاستهلاك الإعلامي وإلا برأيي لكان أخذ الكثير من المبادرات وهو غير قادر على الالتزام بما يقوله لأن لا مونة له على الحزب”.
ووجه رئيس الكتائب تحية للنهار وقال: “لقد عشت فيها 14 آذار ولديّ صديق وأخ أفتقده يوميًا باقٍ في عقلنا وفكرنا هو الشهيد جبران تويني الذي أعطى حياته من أجل لبنان مع كل شهداء ثورة الأرز من بيار وأنطوان إلى جانب شهداء أخرين سقطوا أيضًا من بينهم الرئيس بشير الجميّل، وهم يتكلون علينا لئلا تكون دماؤهم قد ذهبت هدرًا، فلبنان يجب أن يحيا بعد المصيبة التي وقعنا بها”.
وأضاف:” لبنان الحلم بالنسبة لنا هو السيّد المستقل الدولة فيها باسطة سلطتها على كامل أراضيها والسلاح محصور بيد الجيش تسود فيه المساواة بين اللبنانيين وكلنا تحت القانون والدستور، لبنان الذي لديه آليات جديدة لإدارة نفسه وليست تلك العفنة التي نراها عند كل استحقاق”.
وختم: “لبنان الحلم هو الدستور العملي والواضح، لبنان لا مركزي، فيه استقلالية مناطقية كل المناطق تنمّي نفسها وتقرر الأفضل لها، وهو على الحياد من صراعات المنطقة والاقتصاد فيه حرّ ليبراليّ وفيه حماية اجتماعية يؤمّن ضمانا اجتماعيا وضمان شيخوخة، نقوّي المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية، لبنان الذي خسرناه عندما قررنا أن نحوّل بلدنا منصة صواريخ وحان الوقت لإنهاء ذلك وإعادته كما كان، وهو يمكن أن يكون من أغنى دول العالم ولا شيء يمنعنا من ذلك إلا استعادة القرار وإعادة شبابنا إليه”.