لفت الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة “العربية” تناول فيها التطورات من مختلف جوانبها، الى اننا “في لبنان وصلنا إلى نقطه حرجه جداً، أكان بحجم وعنف المعارك العسكرية التي تجري أو الاستهداف الإسرائيلي الذي يشمل كل لبنان من جنوبه الى شماله الى ضاحيته الجنوبية الى بقاعه وغيرها، والتي تؤدي للمزيد من القتلى والجرحى والتدمير المنهجي والتهجير الكبير وما يشمل عمليات التجريف للقرى الحدودية. وهذه كلها أمور خطيرة للغاية، وبالتالي بات من الضروري ان يصار الى التشديد على الوصول لحل سريع لهذه الجريمة المتمادية وفي ذلك إنقاذ جميع اللبنانيين”.
ورأى ان “الموقف الذي توصلت اليه الحكومة بالتعاون مع رئيس مجلس النواب لجهة العودة الى الالتزام الكامل بالقرار 1701، أمر شديد الأهمية وهو أيضاً ما أكدت عليه القمة الروحية التي عقدت الأسبوع الماضي في بكركي”، وقال: “صحيح ان هذا القرار، عندما تم اقراره في العام 2006 لم تطبقه إسرائيل، ولكن كذلك لم يطبقه حزب الله. الآن وصلنا الى ان الجميع قد استحق هذه النتيجة الخطيرة. وواجب الجميع أن يدركوا ذلك. علماً ان هذا القرار ينبغي أن يصار الى تطبيقه بالتلازم مع وجود حقيقي وفاعل للجيش اللبناني معززا بإمكانات حقيقية وأيضاً بموقف صادق وصحيح من قبل الجميع، بأنه لم يعد هناك من مجال لاستمرار محاولات التذاكي في تطبيقه من قبل حزب الله. أي أنه وفي عملية التطبيق ينبغي التوقف عن الحؤول دون قيام قوات اليونيفيل بالبحث والتقصي الفاعل عن وجود السلاح غير الشرعي في منطقة جنوب الليطاني، لا سيما أن هذا القرار يقول صراحة بحظر كامل لإدخال السلاح الى لبنان لغير الدولة اللبنانية ولقوات اليونيفيل، كما وان هذا القرار يمنع أن يكون هناك أي وجود لسلاح غير شرعي في منطقه جنوب الليطاني، وبأي شكلٍ من الاشكال. هذه هي القواعد الأساسية التي ارتكز اليها هذا القرار”.
وردا على سؤال عما اذا لو كان رئيسا للحكومة الان ماذا كان سيفعل، خصوصا انه كان رئيسا لها في العام 2006 واين اخطأت حكومة تصريف الاعمال منذ 8 تشرين الماضي، قال: “في هذا الصدد، بادرت صباح الاحد في الثامن من تشرين 2023، وأصدرت بياناً باسمي كرئيس حكومة سابق وقلت بصراحة انه لا يجوز زج لبنان في هذه المعركة العسكرية واوردت لذلك اسبابا عدة من انه ليس هناك من عطف أو تأييد لبناني لزج لبنان في خوض هذه المعركة العسكرية، وليس هناك من قبول لبناني لذلك، كما أن هناك أزمة سياسية خطيرة يعاني منها لبنان، إذْ لسنا قادرين بعد على أن ننتخب رئيس جديد للجمهورية ولا أن نعيد تكوين مؤسساتنا الدستورية. كما ان هناك ازمة اقتصادية خطيرة يعاني منها لبنان، وهناك ازمة النازحين السوريين. هذا بالإضافة إلى أن هناك مشكلة خطيرة يعاني منها لبنان، إذ لم يعد لديه شبكة الأمان التي كانت لديه في العام 2006، والتي مكنته من الصمود آنذاك، أكان ذلك من الأشقاء العرب أو من الأصدقاء. هذا الدعم الذي كان لدينا في العام 2006، سياسياً ومالياً، لم يعد له من وجود الآن”.
اضاف: “ما حصل في العام 2006 كان مختلفا، إذ أن حكومتي آنذاك، في 12 تموز قالت وبشكلٍ واضحٍ وصريح، انها لم تكن تعلم بما جرى على الحدود الجنوبية للبنان وعبر الخط الأزرق، وهي لا تتبنى أيضاً تلك العملية التي قام بها حزب الله. بينما ما حصل في العام 2023 نرى ان حزب الله ارتكب نفس الخطيئة التي ارتكبها في العام 2006 وبالتالي بادر الى القيام بعمل مشابه مرة ثانية، وذلك دون علم الدولة اللبنانية ودون استشارتها. وهذا الموقف لم تقم الحكومة اللبنانية في العام 2023 في التعبير عن عدم معرفتها بهذا الامر، كما لم تقل وبكلامٍ واضح انها لا تتبنى ما قام به حزب الله. صحيح أن الحكومة اللبنانية لم تتبن ما قام به الحزب، لكن سكتت عن ذلك. سكوتها عن هذا الامر لم يمكنها في العام 2023 من ان تجعل هناك مسافة ما بين الدولة وبين حزب الله على شاكلة الموقف الذي اخذته الحكومة في العام 2006. الآن، وها قد وصلنا إلى هنا، فإني اعتقد أنّ هذا الامر يقتضي من الحكومة اللبنانية بذل كل جهد ممكن من اجل التعبير بموقف واضح وثابت لجهة الالتزام الكامل بالقرار 1701. الأمر الآخر، فإن هناك القرار 1559 الذي لا يمكن لأحد أن يقول أن هذا القرار لم يعد له وجود، ولكن أرى أن نتطرق للموضوع من زاوية مختلف، وحتى نكون نعرف على شو عم نحكي. هذا القرار 1559 فعلياً يكرر ما ذكره وأكد عليه اتفاق الطائف في العام 1989 بأنه لا يجوز ان يكون هناك من سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية. لذلك يجب ان ننظر الى الامور بنظرة استيعابية من أجل إنقاذ لبنان، لأن الذي يقول الآن أن حزب الله انتهى، كلا لم ينته، ولكن هناك سردية كامله تقدم بها حزب الله على مدى هذه السنوات، والتي ثبت فشلها وعدم صحتها. وهذه السردية تقوم على أن سلاح حزب الله يحقق ويقدم الردع للبنان، وبالتالي يقدم الحماية له. وقد تبين أن الحزب ارتكب اخطاء عدة خلال هذه الفترة، ومن ضمنها انه تصرف كجيش ولم يبق كمقاومة ودخل في جملة من المعارك العسكرية التي خاضها لصالح إيران ولتمكينها من بسط سلطتها ونفوذها في سوريا والعراق واليمن، إضافة إلى لبنان، وبالتالي أوقع لبنان في مشكلات كبرى، وهو ما أدى إلى توتير علاقات لبنان مع أشقائه وأصدقائه في العالم، وحرمه من أن يكون لديه دعما عربيا ودوليا، وأيضا أسهم في انهيار أوضاع دولته واقتصاده الوطني وبات يهدد صيغته الفريدة”.
وعن رأيه حول ان هناك انطباع لدى الإدارة الأميركية أن الحل الممكن هو بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، وتصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”العربية” ان ترشيح عون امر صعب لأنه يتطلب تعديلا دستوريا وتوافقا من اكثر من 86 نائبا، وعما اذا كانت واشنطن ستضغط اكثر في هذا الاتجاه خلال زيارة المبعوث الاميركي اموس هوكستين لبيروت، قال السنيورة: “بداية، لا يجوز على الاطلاق ان يستمر الحال على هذا المنوال، وأن نستمر على حالنا بعدم المبادرة الجدية لانتخاب رئيس للجمهورية، لا بل ونحاول أن نبرر ونغطي على ذلك بأعذار وأسباب غير مقبولة من اجل الا ننتخب رئيسا جديدا للجمهورية. فساعة نريد حوارا قبل الانتخاب، وساعة اخرى نريد الوصول الى وقف لإطلاق النار قبل ذلك، وساعة بسبب أن ليس هناك من توافق. كل هذا الكلام لا يفيد ولا ينص عليه الدستور، وهو بالفعل يشكل مخالفة صريحة للدستور اللبناني الذي ينص على ان تفتح الجلسة، وذلك بأن يقوم رئيس مجلس النواب بالدعوة الى عقد هذه الجلسة وأن تنعقد الجلسة وبالتالي من لا يأتي من النواب هو الذي يتحمل المسؤولية. فهذا الامر يجب ان يحصل الآن وليس غدا. أما بالنسبة لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فالرئيس بري على حق ان هذا الأمر يقتضي تعديلا للدستور، وأن يتم وفق الأصول الدستورية، وليس كما حصل في السابق. هذا يعني أن يعدل الدستور قبل إجراء هذه العملية الانتخابية”.
اضاف: “صحيح انه جرى ارتكاب معاص دستورية كبيرة خلال كل السنوات الماضية، وذلك بأن سمحنا لعمليات عدة في مخالفة للدستور، في عمليات التمديد والانتخاب عن طريق التعديل للدستور، وذلك في أسلوب “تعديل لمرة واحدة” بهذا الشكل، وهو فعلياً إطاحة غير مباشرة للدستور. هناك من يقول بانتخاب قائد الجيش، لكن هذا الامر يتطلب تعديلا للدستور. هذا هو الكلام الواضح والصريح بأن انتخابه يتطلب تعديلا للدستور. وعودة للمبدأ الأساس، وهو ضرورة انتخاب الرئيس الجديد، وعلى الرئيس بري أن يدعو وأن يفتح الجلسة، وبالتالي يتبين من يستطيع ان يكون رئيسا للجمهورية اللبنانية، وهو الذي يحظى بثقة اللبنانيين ويستطيع عندها أن يبدأ بإجراء استشارات نيابية ملزمة من أجل تأليف الحكومة الجديدة التي يجب أن تأخذ على عاتقها تطبيق القرار 1701 ومخاطبة الأشقاء والأصدقاء لدعم لبنان”.
وعما اذا كان يرأى ان الظروف غير مهيأة لانتخاب رئيس قبل التوصل الى وقف إطلاق النار، قال: “أعتقد أن علينا ان نرى الأمور كما يجب وكما ينبغي. بالتالي، علينا أن نعبر عن رغبتنا بانتخاب الرئيس الجديد على أساس الالتزام بالدستور، والتزامنا بالدستور يعني ان يفتح الرئيس بري الجلسة غدا وينزل النواب لحضورها والمشاركة في أعمالها، ويواصلون الجلسات كل يوم حتى انتخاب الرئيس وهذا هو الدستور. إذا كنا نريد كل يوم تفسير الدستور كما يحلو لنا وبالتالي ما يناسب مصالحنا فهذا امر اخر. واعتقد أننا بهذا نرتكب خطأً جسيماً. اما القمة الروحية التي انعقدت الأسبوع الماضي، فليس لديها فرقا عسكرية وليس لها قيمه دستورية، لكن قيمتها المعنوية كبيرة جداً، لقد قالت بوضوح وصراحة انه ينبغي ان يصار الى وقف لإطلاق النار فوراً وتطبيق القرار 1701 كاملاً. وهذا الامر يجب أن يلتزم به المجلس النيابي ويلتزم به رئيس الجمهورية الجديد والحكومة الجديدة التي عليها أن تطبق اتفاق الطائف الذي لم يجر استكمال تطبيقه”.
وتابع: “لذلك، فإن الحاجة باتت جداً ضرورية من أجل أن يصار الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية فوراً إذا كنا نريد انقاذ لبنان، أما إذا كان كل واحد يحاول ايجاد اسباب مخففة من هنا او أسباب للتملص من هناك، أو هذا الفريق لا يريد ان يشارك في هذه العملية النبيلة لإنقاذ لبنان، فيجب على الجميع أن يُدرك أنّ لبنان قد أصبح ككيان معرضا للكثير الكثير من المخاطر، إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن. لذلك، المفروض العمل على خطين متوازنين، وقف فوري لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701 واتفاق الطائف، وفتح المجلس النيابي لعقد الجلسات اللازمة لانتخاب الرئيس الجديد”.