كلما ظن نتنياهو ومعه قادة جيش وحكومة الإحتلال أن المقاومة تراجعت أو ضعفُت بفعل العدوان الاسرائيلي الوحشي المستمر على غزة ولبنان بما في ذلك الاغتيالات، وأنه بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان الانتصار، تعيد المقاومة خلط أوراق الحرب، بعمليات بطولية نوعية تضع نتنياهو في “خانة اليك” وتُفقد المجتمع الاسرائيلي المزيد من الثقة بالمنظومة العسكرية والسياسية الاسرائيلية.
لم يعد لدى العدو الصهيوني أهدافا يحققها في هذه الحرب، خصوصا أن الأهداف الأساسية التي أعلنها نتنياهو، سواء في غزة لجهة القضاء على حماس وإستعادة الأسرى الاسرائيليين بالقوة، أو في لبنان لجهة إحتلال الشريط الحدودي وإعادة المستوطنين النازحين الى منطقة شمال فلسطين بأمان، لم يتحقق منها شيئا، وهي ما تزال ممنوعة من الصرف في غزة ولبنان بفعل صمود المقاومة ونجاح عملياتها التي تفاجئ في كل يوم العالم بأسره، وليس كيان إسرائيل وحكومته فقط.
يحاول نتنياهو تغطية الفشل في تحقيق أهداف الحرب، بالاغتيالات وبمزيد من التدمير الممنهج والقتل العبثي للأبرياء، وقد حاول بعد إستشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ورئيس حركة حماس يحيى السنوار ومن خلال البروباغندا الاعلامية المجندة لخدمة التوجهات الاسرائيلية، التأكيد على أن حماس إنتهت وأن النقاش يجب أن يتركز على مرحلة ما بعد حماس، فضلا عن التشديد على نجاح الجيش الصهيوني بإضعاف بنية حزب الله العسكرية والاجتماعية، ما يعزز فرصة إخضاعه لنوع من الاستسلام تحت عنوان “الاتفاق”، الأمر الذي يتناقض تماما مع واقع الميدان والانجازات التي تحققها المقاومة والخسائر التي تلحقها بالعدو.
وفي غمرة نشوة نتنياهو بقتل الشهيد يحيى السنوار، وإنتظار تحقيق المكاسب السياسية والميدانية في غزة، جاءت عملية القسام بقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة وجرح ثلاثة ضباط من بينهم نائب قائد الفرقة 162 وقائد الفرقة 52، لتشكل نكسة لجهد سنة ونيّف لجيش العدو، وصفعة موجعة لنتنياهو الذي يحاول إيهام المجتمع الاسرائيلي بأن الأمور في غزة تسير نحو تحقيق الأهداف.
وفي الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو تضليل المجتمع الاسرائيلي حول واقع الميدان في الجبهة الشمالية مع لبنان، والايحاء بأن الأمور تسير باتجاه مصلحة إسرائيل، تصدم عمليات المقاومة الكيان برمته، سواء في الميدان الذي يشهد على خسائر ضخمة للعدو، من مئات القتلى والجرحى في صفوف الضباط والجنود الاسرائيليين، الى تدمير 21 دبابة ميركافا(بمعدل كل يوم دبابة) و4 جرافات، عدد كبير من الآليات، او في الاستهدافات حيث نجحت المقاومة في إختراق كل الدفاعات الجوية وفي مناورة مروحية اسرائيلية ووصلت الى هدفها في منزل رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، فضلا عن صليات الصواريخ التي تصيب أهدافها في كل المستوطنات التي تُدخلها المقاومة يوميا الى مسرح عملياتها.
هذا الواقع، يدفع العدو الى مزيد من الجنون في إستهداف المدنيين في غزة ولبنان، والى تدمير ممنهج في قرى الجنوب والبقاع والنبطية والضاحية بحجة ضرب بنية حزب الله، لكن في الوقت نفسه فتحت إنجازات المقاومة النقاش من جديد في إسرائيل حول الخسائر والقدرة على التحمل، والتداعيات الداخلية للحرب وتأثيرها على المستوطنين وكيفية ترغيبهم في البقاء على أرض فلسطين وعدم الهجرة.
وربما السؤال الأبرز الذي يدور في أروقة الكنيست وفي كل منتديات المجتمع الاسرائيلي هو هل الكيان قادر على تحمل هذه الأثمان الباهظة لحرب من دون أهداف؟.
تشير المعطيات الى أن نتنياهو بات يدرك حجم المأزق الذي يحيط به جراء الفشل في تحقيق الاهداف في غزة ولبنان، لذلك هو يسعى الى لفت الأنظار الى الضربة الاسرائيلية المرتقبة ضد ايران وذلك بهدف تحويل إهتمامات المجتمع الاسرائيلي عن أهداف الحرب في غزة ولبنان لا سيما إستعادة الأسرى وإعادة النازحين، وتخفيف الضغط الذي يمكن أن يتعرض له على المستويات السياسية والعسكرية والاجتماعية.
المصدر: سفير الشمال