عقد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله مؤتمرا صحافيا في المجلس النيابي، تناول فيه تطورات العدوان الصهيوني على لبنان، وقال: “بعد مرور شهر على العدوان الواسع على بلدنا، فإن جيش الاحتلال لم يترك وسيلة من وسائل القتل إلا واستخدمها، من ارتكاب المجازر ضد المدنيين واستهداف رجال الانقاذ والقطاع الصحي والاستشفائي والمؤسسات الانسانية والمساجد والكنائس والحسينيات، إلى تدمير المنشآت المدنية والبلديات على رؤوس العاملين فيها واستهداف الجيش اللبناني و”اليونيفيل” واستخدام القنابل العنقودية في حرب أراد العدو لوحشيتها وقساوتها أن تمهد لتصفية المقاومة وشطبها من الوجود. فما تعرض له بلدنا ومقاومتنا تزول به الجبال، لكن هذه المقاومة لأنها تعتمد على الله أولا وآخرا ومعها شعبها المضحي والشجاع، فإنها باقية وراسخة رسوخ الإيمان ورسوخ الجبل العاملي وسهل البقاع وبحر الضاحية ورسوخ لبنان بشماله وجبله وعاصمته”.
واوضح ان “كل هذه الجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال، تهدف إلى إخضاع لبنان ودفعه إلى الاستسلام وإلى فرض معادلات جديدة يتسيد فيها كيان الاحتلال على المنطقة ويملي شروطه على شعوبها ودولها، ليشطب فكرة المقاومة من ذاكرة الشعوب حتى لا يرفع أحد في وجهه سلاح للدفاع عن نفسه أو حماية شعبه أو ردعه عن بطشه”.
وشدد على ان العدو “خطط لهذه الحرب ووضع أهدافها منذ سنوات وكان يحاول في كل مرة أن يقتنص الفرص، تارة بعنوان معركة بين الحروب وطورا بعنوان “ضربة استباقية” حددها في 11 تشرين الاول عام 2023 كما أقر وزير حرب العدو، ولكن جرى تأخيرها طيلة هذه المدة ليتفرغ لحرب الابادة في غزة قبل أن يوسع حربه على بلدنا”.
واكد ان “الصورة التي رسمها نتنياهو لمشروعه آخذة بالتبدل، وما اعتقده انتصارا سريعا يبني عليه مشروعه الجديد بتصفية “حزب الله” وإحداث تغييرات بنيوية في لبنان والمنطقة، لم يكن سوى استعجال المتغطرس الذي ظن أنه باغتيال قائدنا واخوانه الشهداء وارتكاب المجازر المروعة بحق شعبنا يحقق أهدافه كاملة، ولاقاه في ذلك أعداء لبنان وشعبه باستعجال حصاد ثمار العدوان على المستوى السياسي، سواء بالدعوة إلى فرض معادلة سياسية جديدة في لبنان، أو بتكوين شرق اوسط جديد، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين، إذ قلب المقاومون البواسل على خط الحدود المشهد وبدأت المقاومة مرحلة جديدة عنوانها التصدي للعدوان على لبنان والدفاع عن الوطن، واستلهم المقاومون تعاليم السيد الشهيد وما رسمه من خطط لمثل هذا اليوم، وقد بث في قلوبهم روحا استشهادية بطولية قل نظيرها، ولم تشهدها المقاومة بهذا المستوى منذ انطلاقتها”.
اضاف: “لقد عمد الاحتلال إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة من خلال التدمير الممنهج للقرى والبلدات خصوصا في الجنوب وعلى خط الحدود لتنفيذ مشروعه القديم الجديد باقامة ما يسميه المنطقة العازلة، وهو ما خطط له منذ العام 1978 وصولا إلى حرب عام 2006، فمشروعه الحقيقي هو جعل جنوب الليطاني جزءا من كيانه كما صرح علنا بعض مسؤوليه. وهو بالتأكيد ما ستحبطه سواعد المقاومين وصمود شعبنا”.
وشدد فضل الله على ان “خطورة هذا المشروع الصهيوني ضد بلدنا تدفع شعبنا اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بمقاومته ويجعل المقاومين على امتداد مساحة وطننا ومنطقتنا أكثر إصرارا على التصدي لهذا العدوان واحباط أهدافه، لذلك لا خيار لنا في لبنان بعد الاتكال على الله والثقة بنصره إلا سواعد المقاومين الابطال وما تفرضه في الميدان من وقائع يومية هي مفخرة للبنان والأمة جمعاء، وغير ذلك رهانات على سراب. فلا مجتمع دولي يتحرك ولا هيئات أممية تقف موقفا صريحا ضد الجرائم البشعة وما يسمى الحس الانساني للدول المهيمنة في العالم سقط في غزة كما سقط في لبنان، لا يحمي شعبنا الا التمسك بحقه بالمقاومة والدفاع عن نفسه وتلاحم بنيه في مواجهة هذه الحرب الوحشية. صحيح أن شعبنا حزين ومتألم ويدفع ثمنا كبيرا لاعتماده خيار المقاومة، ومناصرته قضية انسانية محقة، لكنه شعب صامد صابر قوي العزيمة، ويعتمل في قلبه الغضب المقدس وروح الثورة، وهو يتصرف بما تمليه عليه ثقافته بوطنية وشجاعة وحكمة، ولا يتخيلن أحد ما يملكه هذا الشعب من ارادة صلبة عصية على الانكسار يفجر غضبه في وجه المحتلين ويتمسك بحقه المشروع في الدفاع عن النفس والارض والمقدسات، ولن تستطيع قوة على وجه الأرض شطب مقاومته من المعادلة، أو إلغاء دوره الريادي في لبنان والمنطقة، وعلى الواهمين أن يستفيقوا من نشوة نتنياهو ومن معه، وهؤلاء لم يتعلموا من دروس الماضي القريب والبعيد وهم لن يحصدوا سوى الخيبة والخسران والعار”.
واكد ان “الأمور بخواتيمها والمقاومة بمقدار ما هي رجال في الميدان يبذلون الدم، هي أيضا شعبهم الوفي الذي تتوالد فيه المقاومة جيلا بعد جيل فلا تسقط الراية مهما كانت التضحيات والصعاب. وفي الاطار نفسه ندعوا شعبنا لأن لا يعير بالًا للأراجيف والأضاليل والمحرضين والذين يستيقظون في كل يوم على وهمٍ بأن يكون لبنان من دون المقاومة وحزبها وبيئتها، تلك أضغاث أحلام وستبقى أوهام الخائبين مقاومتكم قوية لأنكم أقوياء وأوفياء. وشعار شعبنا اليوم: “المقاومة هي الرد وقوافل الشهداء تصنع النصر”.
واردف: “نعمل اليوم على خطوط ثلاثة، وهي:
أولا: الميدان وله رجاله البواسل وإدارته الميدانية المرنة التي تقدر ظروف المعركة ومتطلباتها، وقد بلغ مستوى التحكم والسيطرة حدوده المطلوبة، وخيار قيادة المقاومة مواصلة القتال بكل الوسائل التي تحتاجها المواجهة من أجل منع العدو من تحقيق أهدافه وإجباره على وقف عدوانه، ولم يتمكن من تحقيق اي من أهدافه المعلنة باعادة المستوطنين او احتلال جنوب الليطاني وهو ما تبينه المواجهة البرية، فرغم كثافة النيران والغارات وزج جيش العدو بنخبة قواته، فإن المقاومين وأغلبهم أبناء القرى والبلدات يدافعون ببطولة نادرة عن أرضهم ويقاتلون على حافة الحدود، من الجهتين داخل مئات الأمتار اللبنانية وخلفها باستهداف تجمعات العدو في المستوطنات القريبة والبعيدة، بينما ألاف المقاومين المتأهبين للالتحاق بالجبهة ينتظرون بفارغ الصبر دورهم للمشاركة في واجب الدفاع عن بلدهم كي يحققوا للسيد الشهيد أمنيته بتدمير جيش العدو على أرض الجنوب.وهو ما تبينه المواجهة البرية، فرغم كثافة النيران والغارات وزج جيش العدو بنخبة قواته، فإن المقاومين وأغلبهم أبناء القرى والبلدات يدافعون ببطولة نادرة عن أرضهم ويقاتلون على حافة الحدود، من الجهتين داخل مئات الأمتار اللبنانية وخلفها باستهداف تجمعات العدو في المستوطنات القريبة والبعيدة، بينما ألاف المقاومين المتأهبين للالتحاق بالجبهة ينتظرون بفارغ الصبر دورهم للمشاركة في واجب الدفاع عن بلدهم كي يحققوا للسيد الشهيد أمنيته بتدمير جيش العدو على أرض الجنوب، وما يحصل على الأرض من ملاحم بطولية لا تحويها الفكر والصورة والصوت والقلم والأقوال.
إن ثبات المقاومين في الميدان في المعركة البرية ومواصلة المقاومة اطلاق صواريخها على قواعد الاحتلال العسكرية على مدى جغرافي واسع، ووفق ما تقتضيه خطة المعركة والأهداف المرسومة، هو بحد ذاته دليل على فشل العدوان في تحقيق أهدافه المرحلية المعلنة.
ثانيا: على المستوى السياسي، ومنذ بدء جبهة الاسناد قبل سنة، فإن دولة الرئيس نبيه بري والحكومة تتوليان التفاوض مع الموفدين الدوليين من أجل الوصول إلى وقف العدوان، واليوم يسعيان إلى الوصول إلى مرحلة وقف اطلاق النار، وهذا الملف يتابع بدقة وتنسيق كامل بين قيادة “حزب الله” ودولة الرئيس بري، ولسنا بوارد الدخول في أي تفصيل يتعلّق بهذا الأمر، بل متروك للجهود السياسية التي تجري على اكثر من صعيد.
ثالثا: ملف النزوح ومع تقديرنا العالي للوقفة الوطنية وللمبادرات الحزبية والاهلية والجهود الرسمية، وكلها تصب في إطار استيعاب حجم النزوح وتداعياته، فإن تشكيلات “حزب الله” وحركة “أمل” تعمل بالطاقة القصوى للتخفيف عن اهلنا، وندعوا الجميع إلى التعاون، ولن ندخل في أي سجال مع أحد لأن المطلوب هو وقفة انسانية وطنية، وملف اعادة الاعمار بيد أمينة، صاحبة الوعد والعهد، وعودة شعبنا إلى كل قرية وبلدة وبيت من خط الحدود في الجنوب إلى أقصى البقاع مرورا بضاحية بعزة وكرامة هو وعد المقاومين وعهدهم لشعبهم الأبي”.
وتوجه فضل الله بكلمة للأهل والمقاومين، قائلا: “لأهلنا الصامدين والثابتين في جهات الوطن المختلفة، تدفعون اليوم ضريبة الدم دفاعا عن تراب الوطن والمقدسات والكرامة والحرية والسيادة. لعوائل الشهداء والجرحى ألامكم وتضحياتكم هي جهاد في سبيل الله من أجل إحقاق الحق ونصرة المظلومين وهي دماء عزيزة تطهر تراب الوطن وتصنع مستقبل حريته. للرجال الأشداء أصحاب الايمان الراسخ والهمم العالية، المرابطين على حدود النار، من الناقورة إلى شبعا المنغرسين في التراب حتى الشهادة: تحرسون اليوم سياج الوطن، وكرامة شعبه، ولا تأبه سواعدكم لأطنان القذائف ورائحة الموت وما أذكاها في سبيل الله. هذا يومكم الموعود ووعدكم الصادق، وعهدكم لروح سيدنا الشهيد وقائدنا الحبيب السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه. تلتزمون وصيته: بأن تخوضوا اللجج وتبذلوا المهج، صونأ لشرف لبنان وكرامته وحماية لأرضه وشعبه”.