وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة، قال فيها: “بسياق الذمة الواحدة والعائلة المجتمعية الواحدة كنواة ضامنة لمشاريع الخير والحق والعدل والنبل مقابل الظلم والشر والفساد والطغيان في عالم الاجتماع السياسي، قال الله تعالى لأهل الخير: (انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً، وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، وقد قدم الله ذلك بلسان شامل ليقول للخليقة، ليست القضية فقط بالقتال الوطني والأخلاقي والميادين العسكرية بل يشمل أيضا التضامن الإنساني والسياسي والإجتماعي والإعلامي والمهني لتكريس قوة الحق والعدل والنبل الإجتماعي بكل جبهات الحياة المدنية والسياسية، وبلسان هذه الآية، أراد الله تعالى أن يقول للخلائق: من يساهم بجبهات البلد وقضايا العدل والحقوق المدنية والمجتمعة والكيانية، هو شريك مع من يدافع بالأشلاء والدماء عن الإنسان ومصالح البلد وقضاياه الوجودية، فضلا عن قيم الإنسان وحاجات الأوطان. ومثله من يساهم بفعل أو ثروة أو عطاء أو إيواء أو إغاثة أو عون في سبيل ناس هذا البلد وقيمه الوطنية والأخلاقية”.
اضاف: “من هنا كان النبي صريحا في أن حب الأوطان من الإيمان، والأهم منه الدفاع عن البلد والبذل في سبيل ناسه وشعبه بما في ذلك حماية ظهر من يخوض أكبر حروب الدنيا من أجل الإنسان وقضايا وطنه وعدله وأمنه وأمانه وسيادته واستقراره. والقضية هنا ليست قضية حزب أو طائفة أو مشروع سياسي أو حصة نيابية أو حكومية، بل قضية بلد وسيادة ووطن وكل ما يحتاجه وجود هذا الكيان الذي يقوم بشعبنا وناسنا ومشروعنا الوطني. واليوم القوى السياسية والأهلية ممتحنة بشدة وسط إرهاب إسرائيلي يطال صميم وجود لبنان، والدولة بمؤسساتها الحكومية وأجهزتها الإغاثية أشد محنة وسط إمكانات كثيرة جدا يمكنها القيام بها، والمطلوب التعامل مع لبنان وناسه كعائلة وطنية واحدة واللحظة لحظة تاريخ والمجازر الإسرائيلية الإرهابية تطال عمق بيروت ولبنان، وهذا يفترض تعزيز اللحمة الوطنية وملاحمها ودعم جبهتها بكل اندفاع وشراكة وشرف، ولأن الصراحة ضرورة وطنية أقول: ما قدمته المقاومة طيلة عشرات السنين لا سابق له على الإطلاق، ولأن ما تقوم به واشنطن وتل أبيب أشبه بحرب عالمية، فإن المقاومة تدفع أثمانا استراتيجية لحماية هذا البلد وتأكيد سيادته واستقلاله، وهذا أكبر مفاخر لبنان الوجودية، واليوم القيمة للبنان ووجوده واستقلاله الفعلي وليس للمنافع السياسية والزواريب العابرة لما وراء الحدود، والحكومة بمؤسساتها وإداراتها مطالبة أن تكون على الأرض بكل إمكاناتها والتقصير واضح جدا، ولا عذر لأي تقصير”.
وتابع: “المطلوب تضامن وطني يليق بالملحمة السيادية التي تقدمها المقاومة وناسها ومشروعها الوطني، والنشاط السياسي يجب أن يتمحور حول التضامن السيادي وأي كلام خارج هذه الضرورة الوطنية يضع البلد بالمقلب الآخر، وحذار من الإعلام الذي يلعب دور الجاسوس. والقضاء والأجهزة الأمنية مطالبة أن تقوم بالظرف الوطني الخطير الذي يمر به لبنان، وأي تلاق سياسي أو نيابي يخرج بتسوية رئاسية لتعزيز الملحمة الوطنية السيادية مطلوب جداً لأنه يصب بصميم مصلحة لبنان، ولا شيئ أكبر من سيادة لبنان، والشراكة الإسلامية المسيحية أكبر ضامن استراتيجي لمصالح لبنان”.